للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاتصال بهذه المشكلة، مشكلة استقلال الكلمات"١، ويستعمل فيرث هذا الاصطلاح، باعتباره دالا على عناصر موقف كلامي كامل، كالمتكلم، والسامع، أو السامعين، والكلام، وكل ما يحدث في أثناء الكلام من انفعالات، واستجابات، ومسالك، وكل ما يتصل بالموقف ويؤثر فيه، من قريب أو بعيد.

وفي هذه الماجريات المركبة يجد عالم الأصوات ما جراه، والنحوي والمعجمي كذلك ما جرياتهم، وإذا أردت أن تدخل في ذلك الظروف الثقافية العامة٢، فسوف تحصل منها على ماجريات التجربة لطرفي التبادل في الكلام، فكل إنسان يحمل معه ثقافته، وكثير من حقائقه الاجتماعية، أينما ذهب، فالإنجليزي في عزلته في أفريقيا، يحمل معه كثيرا من الطوابع الثقافية، والاجتماعية والإنجليزية، فربما عبر عن دهشته "exclaim"، باللغة الإنجليزية، إذا فاجأه شيء ما، وربما تكلم إلى أفراد الحيوان باللغة الإنجليزية أيضًا، وكتب مذكرته الخاصة، وقرأ كتبًا انجليزية، ولكن حتى بعد أن ينتهي الأصواتي، والنحوي، والمعجمي، من مهمتهم، يبقى بعد ذلك قسط كبير من تحليل المعنى، يكون بإيجاد الترابط

بين نتائج أعمالهم، وفي دراسة دلالية تعتمد على الماجريات والتجارب، ويحتفظ

فيرث لهذه الدراسة باسم Semantics، ولكن حتى لو لم تكن الماجريات نهاية الطريق في تحليل "The house that jack built"، فإن عملية التمييز بين بقية العناصر، ستكون من مجال التاريخ الاجتماعي.

وبعد، فلسنا نستطيع أن نتنبأ بما يخبئه المستقبل من تطور في هذا الفرع، ولكننا نستطيع أن نعين، ونميز، ونقترح حلا لتلك المشكلة الصعبة، التي نصادفها أولا في وصف الماجريات النوعية، وتقسيمها في نطاق الثقافة، وثانيا في وصف أنواع الوظائف اللغوية، وتقسيمها في نطاق هذه المجريات، وأكبر صعوبة نقابلها هي عدم وجود وثائق، تستخدم في استقصاء كيفية اكتسابنا للكلام أثناء نمونا.


١ Ulman, Principles of Semantics, p. ٦٠.
٢ المقصود بالثقافة هنا كيفية التنشئة، بالمعنى الأنثروبولوجي الذي يشمل العادات، والتقاليد، والمعتقدات، وطرق السلوك المحددة، وهلم جرا.

<<  <   >  >>