للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو احتكاكا أو خروجا حرا، وإما من ناحيتين أو أكثر من هذه النواحي.

ويحس المتكلم العادي دائما، إذا كان واعيا بالأصوات التي يتكلمها، أن هذه الأصوات لا تعدو بحال عدد الرموز الكتابية في لغته، ولكن هذا الإحساس خاطئ بالطبع، وربما لا يكون من بين المتكلمين بلهجة القاهرة من يدرك بلا إرشاد أن اللام في طلب، من الناحية الصوتية، غير اللام في ثلاثة، وأن التاء في يتعلم غير التاء في يتصرف؛ لأن من عادته أن يعامل الصوتين في كل حالة معالة الحرف الواحد، فإذا كانت اللامات والتاءات تختلف في اللهجة الواحدة، فلا شك أن في لغات العالم، عددا ضخما من اللامات والتاءات، التي يختلف كل منها عن الآخر مخرجا جهرا، أو همسا أو طريقة أو درجة، أو رنينا أو تفخيما أو ترقيقا.

فلا يغرنك إذا أن تسمع المتكلم الأجنبي يأتي في كلامه بأصوات، تذكرك بأصوات لغتك، فتظن بادئ ذي بدء أن هذا هو عين الصوت الذي تتكلم به أنت، فأنت إذا دققت السمع وجدت فرق ما بين السماء، والأرض بين صوتك الذي في كلامك، وصوته الذي في كلامه، وذلك فرق يبدو بدقة الملاظة، كما يبدو بالوسائل الميكانيكية، التي تستخدم في البحث في معمل الأصوات اللغوية، تلك الوسائل التي سنشرحها بعد قليل، وهذا الفرق من ناحية أخرى يرجع إلى

اختلاف نوع التكييف العضلي الذي يصحبه، وهذا التكييف أمر فردي في طابعه، حتى ليختلف الأخوان في طريقة النطق، ويختلف الشخص مع نفسه من نطق إلى نطق، بحسب ظروفه العضلية والنفسية.

ولكن لا جدال في أن التاء، إن اختلفت من فرد إلى فرد، ومن لهجة إلى لهجة ومن لغة إلى لغة، فهي في مجموعها نوع نطقي معين تشترك اللغات فيه، وتختلف

في أفراده، وهذا هو الذي يبرر كتابة أسماء الأعلام في اللغات الأجنبية بمقابلات رمزية عربية. لاحظ التاء مثلا في الكلمات الآتية:

ستالين، تورين، تفليس، سان استيفانو، مارجريت، كلكتا.

وإنك لتجد رموزا عربية أخرى في هذه الكلمات إلى جانب التاء، يمكن أن

<<  <   >  >>