يقال فيها ما يقال في التاء، وهذا أيضا هو المبرر الوحيد لخلق أبجدية أصواتية عالمية محدودة عدد الرموز، فكل رمز في هذه الأبجدية نوعي "Typologcil"، يدل على طائفة من حالات النطق تشترك في سلوك عضلي وسمعي معين، وتختلف في تفاصيل نطقها وسماعها، ففي العربية تاء وفي الإنجليزية
أخرى وفي الهندستانية ثالثة، ولكن العربية أسنانية مهموسة، والإنجليزية لثوية مهموسة، والهندوستانية انقلابية retroflex أقل همسا من كليتهما؛ ومع ذلك فإن الكلمة الإنجليزية التي بها تاء مثل "توماس"، إذا نقلت إلى العربية ابتدأت بالتاء أيضًا.
ولكننا ضربنا مثلا بالتاء فحسب، مع أن الواقع أن ذلك يقال عن كل ما في اللغة من رموز أصواتية، ولقد سبق أن قلنا: إن في اللغة العربية حرفا يضم اسمه في مفهومه طائفة من الأصوات، التي تختلف في مخارجها من الأسنان في الأمام إلى اللهاة في الخلف، لاحظ نفسك وأنت تنطق النون في قولك:"من ظلم""مع ملاحظة أن اللسان لا بد أن يخرج مع الظاء"، وستجد أن النون صوت يخرج اللسان معه، كما يخرج مع الثاء والذال والظاء، ثم لاحظ نفسك أيضا وأنت تنطق النون في "من شاء"، "من جاء"، "من خرج"، "من غاب"، "من قعد"، "من بات"، "من يكون"، ثم في قولك:"أنا"، وستجد -لا محالة- أن بعض هذه الأصوات يختلف عن بعض، ولكنها كلها تلتقي تحت مفهوم حرف النون. ولاحظ كذلك أننا قد قابلنا النون الأجنبية بنون عربية في ثلاثة من الأمثلة، التي جئنا بها من قبل، وهي:
ستالين، تورين، سان استفانو.
ولست أريد هنا أن أدخل في مسألة نقل الأعلام الأجنبية بحروفها إلى اللغة العربي، واستعارة الكلمات الأجنبية بحروفها كذلك؛ فلهذا النقل نظام خاص من المقابلات لا أحب أن أخوض فيه في هذا الكتاب، ولكن الذي أحب أن أقوله هنا، هو أن لدراسة الأصوات منهجا خاصا بها تبحث على أساسه، وما دام إنتاج الصوت عملا فرديا -وقد سبق أن قلنا: إن الأخوين لا ينطقان نطقا متشابها