كانت كل منهما خاصة بموقع من المواقع الثمانية المذكورة، غير موقع البصمة الأخرى؛ لأن المواقع كما قلنا: تؤثر في النطق آثارا مختلفة.
لعل القارئ قد أخذ فكرة واضحة عن وظيفة هذه البصمات في البحث، فهي تستعمل في المقارنات النطقية بين الأصوات المختلفة، ومن المواقع المختلفة للصوت الواحد أيضًا، وهي تستعمل كذلك لبيان الخطأ، الذي يقع فيه بعض الباحثين، كأن يفهموا من القول بأن الصوت الفلاني مخرجه كذا، أن هذا المخرج، ثابت في كل الحالات والظروف؛ فلكل نطق صفاته الخاصة، التي يمكن إدراكها من شكل البصمة وحجمها، ويجب أن تكون الأثملة المقارنة مما تجوز مقارنته، وشروط المقارنة بين شيئين أن يتفقا في الكثير، ويختلفا في القليل من صفاتهما؛ أيا كان هذان الشيئان.
فإذا أردت أن تقارن المواقع المختلفة للصوت الواحد، فقارن بصماتها المأخوذة في نفس التاريخ، مثال ذلك بصمة التاء في تاب، وكتب وبات، وأما إذا أردت أن تقارن البصمات المأخوذة لمثال من هذه بعينه، فقارن ما أخذ له من بصمات في تواريخ مختلفة، مثال ذلك أن تقارن بصمات التاء في تاب في أيام مختلفة.
فاختلاف المثال لا يتعارض مع وحدة الحالة العضوية، والنفسية المفهومة من وحدة الزمن الذي تنطق فيه الأمثلة، ولكن المثال حين يتحد يتطلب اختلاف هذه الحالة بالمخالفة بين أزمنة نطقه، ليظهر الخلاف في البصمات، إذا كان هناك خلاف.
وخير الأمثلة التي تختار لهذه التجارب، كما رأيت في بحوثي هي تلك الأمثلة ذات أصوات العلة الواسعة "أي التي يتسع الفم في نطقها كأصوات الفتحة"؛ لأن الاتصال الجانبي بين اللسان، وبين الحنك الصناعي في نطق هذه الأصوات أقل بكثير منه مع أصوات العلة الضيقة، "أي التي يضيق الفم في نطقها كأصوات
الكسرة والضمة"، ومن ثم كانت البصمة الجانبية للنوع الأول، غير متدخلة في تحديد بصمة الصوت الصحيح، بعكس البصمة الجانبية للنوع الثاني. "قارن