للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين، ويتضمن هذا الأسلوب القواعد العملية في تناوله لأحوال الناس في الحياة وجميع أنواع النشاط, حتى يستطيع الفرد أن يحقق أهدافه بالطرق السليمة. إن اقتران الجانب النظري بالجانب العملي له أهمية قصوى في تكوين الشخصية المتكاملة والمتوازنة، إن التعليم عن طريق العمل والممارسة يجعل حياة الفرد أكثر استقامة وأكثر رقيا, وينعكس هذا بدوره على المجتمع فيجعله أشد تماسكا وأكثر إنتاجا. قال عز من قائل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ١.

ويذكر الإمام الغزالي في رسالته "أيها الولد": "أن العلم المجرد لا يفيد إلا إذا اقترن بالعمل", وقال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} ٢.

ويهدف القرآن من أسلوب ضرب الأمثال إلى تحقيق غايات نفسية تربوية من خلال سمو الغرض وجلال ونبل المعنى بالإضافة إلى الإعجاز البلاغي وتأثير الأداء, وتتصف الأمثال في القرآن الكريم بالتنوع والشمول بغية دفع الإنسان إلى قمة الكمال, وتحدد الأمثال القرآنية للناس خصائص منهج التعامل بين الإنسان والكون, والإنسان والإنسان, والإنسان والله، والإنسان وسنن الحياة, وهذا من شأنه أن يؤدي إلى أن يعيش الإنسان على صلة دائمة بخالقه, فلا يتبلد حسه, ولا يذبل رجاؤه، ويتضمن أسلوب ضرب الأمثال التربية الخلقية، والتربية الاجتماعية، والتربية الروحية، والتربية العقلية، والتربية العملية، لذا فإنه يعتبر من أهم الأساليب في عملية التربية.

إن الأمثال القرآنية تسهم في تربية الإنسان على السلوك السليم الخير وتهذيب أخلاقه وطباعه, فتستقيم حياة الأفراد والمجتمعات {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} ٣.


١ النحل: ٩٧.
٢ النجم: ٣٩-٤١.
٣ العنكبوت: ٤٣.

<<  <   >  >>