للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرن- هو المخبر وكاتب التحقيق بعد أن كان كاتب المقال قبل سنة ١٩١٩. فإذا قلنا إن صحافة هذا العصر هي صحافة التحقيق فلسنا مبالغين في شيء.

غير أن هذه الصحافة الحديثة تواجه اليوم منافسة خطيرة من وسائل الإعلام المصورة، وخاصة التليفزيون والسينما. فبعد أن كانت الإذاعة تتميز بالسرعة والحالية في إذاعة الأخبار، وجدنا أن الصحافة المصورة كانت تكمل تلك الأخبار السريعة التي تأتي في النشرة الإخبارية. وبمعنى آخر، أصبح التحقيق الصحفي متخصصا في تفسير أبعاد الأخبار، وتقديم تفاصيلها المختلفة.

غير أن المنافسة الحقيقة بين المجلة المصورة والسينما والتليفزيون قد أثرت بالفعل على توزيع الصحف، حتى قيل عن المجتمع الإنجليزي مثلا أنه تحول إلى مجرد مجتمع ذي عيون زجاجية تحدق في شاشة من الكريستال١. ولم يكن مصدر المنافسة هذه المرة سرعة النشر كالإذاعة بل كان "معالجة موضوعات عديدة عن طريق التليفزيون بطريقة أقرب إلى القلوب والعقول وأحب إلى الأذن والعين معا. ولن يكون بعيدا ذلك اليوم الذي نعالج فيه بطريق التليفزيون مختلف مشاكلنا الاجتماعية ونقضي على ما في مجتمعنا من رواسب الماضي وآفاته".

ولا شك أن السر في تفوق التليفزيون يكمن في قدرته على نقل الحدث حين وقوعه بصورته وفي حركته. وهو لا يكتفي بمجرد التسجيل بل بإعادة العرض وإمكانية النقل فورا إلى داخل البيوت بصورة حية سريعة تساوي سرعة الضوء، ولا شك أن هذه المنافسة قد جعلت الصحف -وخاصة المجلات المصورة- تتجه إلى العناية بموضوعاتها وصورها، حتى تصمد أمام هذه المنافسة الخطيرة. ولا شك أن اختراع الأقمار الصناعية لنقل البرامج التليفزيونية عبر القارات -بل وعبر الكواكب أيضا- قد مهد الطريق لانتقال فنون الإعلام إلى عصر جديد.


١ سعد زغلول، تليفزيون للجميع، المقدمة.

<<  <   >  >>