للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وظيفة الإعلان والتسويق]

والإعلان هو الوظيفة الخامسة من وظائف الفن الصحفي. وهنا أيضا نجد أن النشاط الإعلاني نفسه قد عرف منذ أقدم العصور، إلا أن الإعلان الصحفي لم يعرف إلا بعد اختراع الطباعة ونشأة الصحافة، كما أن الأسلوب الفني للإعلان الصحفي لم يظهر إلا بظهور الفن الصحفي نفسه. حقيقة أن بردية قديمة يرجع تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة قد اكتشفت في طيبة وعليها إعلان يقول: إن عبدا اسمه "شيم" قد هرب من سيده الطيب "هابو" وهو يرجو من يجده أن يعيده إلى سيده "هابو" الخياط -الذي يفصل أرقى الملابس حسب رغباتك- وسوف يحصل من يرشد عن العبد على قطعة ذهبية مكافأة له!

ولا شك الأغريق قد عرفوا الإعلان الشفوي، وكلمة "مناد" مثلا، كانت تطلق على البائع الصغير الذي ينادي على بضاعته في السوق، كما كانت تطلق على المنادي الرسمي الذي يذيع الأوامر والبيانات الحكومية. وكذلك كان المنادون في الحضارة الرومانية والحضارة الإسلامية يقومون بواجباتهم عن طريق النداء الشفوي، الذي كان يغني على طريقة التطريب الجميل، للإعلان عن البضائع أو المفقودين أو عن أوامر الحاكم ونواهيه.

ويصف لنا "سينكا" الكاتب الروماني منظر الباعة المتجولين أو أصحاب الدكاكين وهم ينادون على بضائعهم ويطرونها ويغرون المارة بشرائها. كما يصف الخبازين وصانعي الحلوى وبائعي السجق وقد عرضوا بضائعهم على أبواب الحمامات العامة وهو ينادون عليها بصوت رخيم كالغناء الجميل. ولعل هذا الذي وصفه "سينكا" يقرب كثيرا من نداء الباعة في القرون الحديثة في العالم العربي وقد نجده حتى في أيامنا هذه.

ولكن الإعلان الحديث -والإعلان الصحفي بوجه خاص- أخذ يأخذ مكانته الإعلامية في أعقاب الثورة الصناعية. والمعروف أن استخدام الآلة قد أدى إلى سرعة الإنتاج وزيادته الضخمة مع خفض التكاليف. وقد خلق هذا الإنتاج الكبير ضرورة استهلاكه على نطاق ضخم أيضا وبسرعة، حتى تستطيع المصانع المنتجة تصريف إنتاجها ولا تضطر إلى تخزينه، وإلا زادت النفقات.

<<  <   >  >>