والتبسيط سمة هامة من سمات الفن الصحفي الذي يعرض الأحداث والأفكار منتزعة من سياقها كما لو كانت وحدات مستقلة. ويلجأ الصحفيون إلى التركيز أحيانا نتيجة لضغوط الحيز الضيق في الصحف والمطبوعات. ويلعب عامل الوقت دورا رئيسيا في تغطية الأخبار وتحريرها وإخراجها. ففي الصحافة لا بد من مراعاة موعد الطبع ومواعيد القطارات ووسائل المواصلات الأخرى للتوزيع. وقد رأينا أن الفن الصحفي يمتاز بالدورية والإيقاع، فهو يروي حدث بعينه في إطار زمن محدد. والزمن المميز على هذا النحو ليس هو الزمن الطبيعي للإنسان العادي؛ لأنه نظرا لدورية المطبوع يكون هذا الزمن عاملا موضوعيا خاضعا لظروف خارجة عن الظروف النفسية للحدث تتحكم فيه على الرغم من إمكان إدخالها ضمنه.
فالصحفي فنان تحكمه دورية الصحفية وحدودها الزمنية، كما أنه مقيد بالاهتمام الإنساني لجمهوره. وهكذا نجد أن ظروف المرسل والمستقبل جميعا تجعل التبسيط أهم سمات الفن الصحفي، نظرا لقيود الحيز والزمن والدورية بالنسبة للمرسل، وحدود الفهم والتلقي بالنسبة للمستقبل أو الجمهور.
وعلى هذا الأساس نجد أن وسائل الفن الصحفي تعرض مواد مبسطة يسهل على الجماهير استيعابها وفهمها، كما أنها تتمشى مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده. وينتج عن ذلك أن ما يعرض على الناس ليس هو الحقيقة الكاملة وإنما هو الحقيقة الواقعية المبسطة. ولا بد أن تكون المادة المعروضة متفقة مع الثقافة الشائعة، والمعتقدات الدينية، والمعايير الإخلاقية؛ لأن الفنان الصحفي مرتبط بهذه المعايير.
وقد سبق القول أن اللغة الصحفية ترمي إلى النمذجة والتبسيط؛ لأن العقلية الجماهيرية تركن إلى الاستعانة بالرموز والأنماط والنماذج والتجسيد، فهي لا تتخذ سبيل التحليل الموضوعي والدراسة العلمية للوصول إلى الحقائق. وهنا تظهر عملية الرموز المجسدة أو الأنماط أو النماذج، التي تقوم مقام التجربة الفردية أو الجماعية، فيصبح النمط نموذجا جامدا لشخص أو فكرة. وهكذا يلجأ العقل إلى خلق الرموز كعملية حتمية لتنظيم التجارب الإنسانية العديدة.
حقيقة إن هناك نمذجة عن طريق الفلسفة والعلم والفن، غير أن هذه نمذجة تقصد لذاتها، أما النمذجة الصحفية فهي تقصد لأسباب خارجية أهمها التبسيط للجماهير. وتعتبر اللغة هي الوسيلة الرئيسية لنقل المعرفة في المجتمع