للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكبر نفعا؛ لأن الأمم الحية غنية عن إرشاد الصحف في كثير من الشئون أما في مصر وبقية بلاد الشرق فوظيفتها أن تكون المهذبة المؤدبة، المنشطة المشجعة، القائمة مقام المجالس النيابية، حتى تترقى الأمة وتنال كل حقوقها".

والحقيقة أن الرابطة وثيقة بين الصحافة والرأي العام. فقد كان التدخل الأجنبي في مصر، واستبداد الحكم منذ تولاه محمد علي، والأزمة التي وقعت بين الخديو إسماعيل والباب العالي، وظهور الدستور العثماني سنة ١٨٧٦، وازدياد الحركة الفكرية في مصر بظهور السيد جمال الدين الأفغاني. من أهم العوامل التي أدت إلى ظهور الصحافة الشعبية والرأي العام في وقت واحد.

ومع أن التعبير عن الرأي العام كان تعبيرا كامنا في شكل جمعيات سرية مثل الجمعية السرية للضابط سنة ١٨٦٧، وهي الجمعية التي ارتبطت بالأمير حليم وانضم إليها علي الروبي وأحمد عرابي وعبد العال حلمي وعلي فتحي وغيرهم، ثم تحولت سنة ١٨٧٩ إلى الحزب الوطني -وهو غير الحزب المنسوب إلى مصطفى كامل، وانضم إليه شريف باشا وشاهين باشا وعمر لطفي باشا وراغب باشا ومحمد سلطان وغيرهم من قادة المعارضة في مجلس النواب، كما نشأت جمعية مصر الفتاة في الإسكندرية سنة ١٨٧٩، وجمعية المودة السرية لضباط الجيش، وجمعية المقاصد الخيرية وغيرها. غير أن الصحافة -وخاصة صحافة المقال- قد استطاعت أن تعبر عن الرأي العام العلني أصدق تعبير.

فليس من شك أن جميع هذه المنظمات السرية والعلنية تدلنا دلالة قوية على وجود الرأي العام، وقد استتبع ظهور هذه الجمعيات ظهور الأحزاب السياسية والصحافة الشعبية وخاصة صحف المقال. وهكذا كان الوعي بسوء الحالة والشعور بوطأة الظلم هو الذي هيأ الجو لظهور الصحف والأحزاب، وقد أعان هذا كله على نضوج الرأي العام.

<<  <   >  >>