للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان المقال الافتتاحي في القرن الماضي يشغل الصفحة الأولى وبعض أجزاء من الصفحات الأخرى. واشتهر من كتاب المقال في بلادنا: محمد عبده، وأديب إسحاق، وعبد الله النديم، والزعيم مصطفى كامل، وأحمد لطفي السيد، وعبد القادر حمزة، وأمين الرافعي، وإبراهيم المازني، وحسين هيكل وغيرهم من أساطين الفكر والأدب والصحافة.

وفي الصحافة الإنجليزية لمعت أسماء كتاب المقال من أمثال ديفو وأديسون وستيل وجونسون وويلكيز وديكنز ولامب وبرنارد شو ووب وغيرهم. وكذلك كان كتاب المقال من الأمريكيين من ألمع رجال الفكر والسياسة والأدب ومنهم صمويل آدمز وجون آدامز وجوزيف وارن وصمويل كوبر ورالف إمرسون ووالتر لبمان وغيرهم.

وقد كان المقال الافتتاحي ينهض بمهمة القيادة والزعامة، وكان وسيلة التوجيه والإرشاد والتنشئة الاجتماعية، كما كان الوسيلة المؤثرة لتكوين الرأي العام. ولا يزال المقال الافتتاحي يلعب دورا رئيسيا في الصحافة الرفيعة أو صحافة الرأي العام المستنير كصحيفة التيمس الإنجليزية والنيويورك تايمس الأمريكية والموند الفرنسية وغيرها. بل إننا لا نبالغ إذا قلنا مقالات هذه الصحف قد تتجاوز في أهميتها وتأثيرها حدود البلاد التي تنشر فيها الصحيفة إلى بلاد أخرى.

غير أن هذا المقال التقليدي الطويل الذي قد يصل إلى أربعة آلاف كلمة مثل مقال الشيخ علي يوسف بعنوان "حفلة الوداع"١، قد أصبح اليوم مقالا قصيرا لا يزيد -بشكل عام- عن ستمائة كلمة على الأكثر. بل إن الصحف الحديثة قد درجت على تناول موضوعات متعددة في المقال الافتتاحي الواحد الذي يتخذ شكل ثلاثة أو أربعة مقالات افتتاحية قصيرة، كما تفعل جريدة التيمس الإنجليزية وصحيفة الجمهورية المصرية. ولا شك أن تنوع الموضوعات يؤدي خدمة جليلة للصحافة الحديثة، واسعة الانتشار، والتي يختلف قراؤها اختلافا كبيرا


١ المؤيد، العدد ٥١٥٧ بتاريخ ٧ مايو سنة ١٩٠٧.

<<  <   >  >>