للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي نفس هذه الظروف وبفضلها أيضا، ظهرت لغة الصحافة. فكانت مثل ديفو اصطنع أسلوبا صحفيا يقترب من أسلوب المحادثة المرسلة، فكان ذلك سببا في رميه بالجهل، واتهامه بالسوقية، كما رمي سلامه موسى وغيره من المجددين في الأسلوب الصحفي. لقد بلغ احتقار الأديب سويفت للكاتب الصحفي ديفو أنه كان يشير إليه قائلا: "ذلك الشخص الأمي الذي أنسى اسمه دائما! " ولا شك أن هذا التحقير من شأن ديفو إنما يرجع إلى الغيرة والحسد؛ لأنه كان يتمتع بشهرة شعبية مدوية.

ومن أهم ما يميز ديفو عن غيره من الكتاب أنه استطاع كتابة اللغة الإنجليزية بقوة وحيوية مستمدا ذلك من التقارب بين لغة الكتابة الصحفية ولغة التفاهم العادي. ويرجع تفوق ديفو في فن الأسلوب الصحفي إلى حقيقة هامة وهي أنه بحكم كونه من المخالفين للكنيسة، كان يتلقى تعليمه في الأكاديميات الحرة لأن الجامعتين الرسميتين "أكسفورد وكمبردج" كانتا لا تقبلان المخالفين كطلبة فيها.

وقد التحق ديفو بالأكاديمية المشهورة نيوينجتون جرين١ حيث كانت التربية تمر في مراحلها الحديثة، فبدلا من الخطة التقليدية التي اعتمدت على المنهج الثلاثي٢ "وهو النحو والمنطق والبلاغة" في المدرسة، المنهج الرباعي٣ "وهو الحساب والهندسة والفلك والموسيقى" في الجامعة، نجد أن الأكاديميات كانت تعنى بالمواد بالحديثة كالعلوم والتاريخ والجغرافيا. وقد تعلم ديفو مثلا اللغات الفرنسية والهولندية والإسبانية والإيطالية لأن الأكاديمية كانت تضع اللغات اللحية موضع الاعتبار وتهتم بها اهتمام الجامعتين التقليديتين باللغات الكلاسية القديمة.

وكانت ثورة تعليمية كبرى أن يقف ناظر المدرسة التي تعلم بها ديفو اسمه مورتون٤ ليشرح المواد الدراسية باللغة الإنجليزية فقد كانت المدارس


١ NEWINGTON GREEN.
٢ TRIVIUM.
٣ QUADRIVIUM.
٤ MORTON.

<<  <   >  >>