يزيد من نسبة المتعلمين، وهذه الأخيرة تعني نسبة عالية ممن يقرءون الصحف، كما أن قراءة الصحف تؤدي إلى فهم أفضل للمجتمع، ومشاركة فعالة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
فالانتقال إلى المجتمع الحضري يأتي في المرحلة الأولى، وفي نطاق المدن تنشأ المدارس والمعاهد، وتمحى الأمية، فيتهيأ الجو لظهور الصحافة، ثم لا يلبث الفن الصحفي نفسه، بما له من قدرة على التبسيط والشرح والتجسيد، أن يضع في متناول الجماهير مفاهيم المجتمع الحديث. فهنا يتعاون المندوب مع المحرر مع المراجع والخطاط والرسام والمصور والمخرج الصحفي لتحويل المعرفة المجردة إلى معلومات مجسدة، والنظريات الأكاديمية إلى معلومات حية، والأفكار العامة إلى موضوعات شيقة جذابة.
ويقول ليرنر أنه حينما تصل نسبة الذين يعيشون في المدن إلى ١٠% تزداد نسبة المتعلمين بشكل محسوس لأن تطور التعليم بعد ارتفاع نسبة المقيمين في المدن ١٠% يصبح اقتصاديا. وحين تصل نسبة التعليم إلى ٢٥% تصبح أداة الاتصال في المجتمع هي الصحافة التي تؤثر بدورها على المجتمع وعلى الشخصية الإنسانية التي تتميز بالمرونة والقدرة على التصور أو التقمص الوجداني، وهذه القدرة من أهم مميزات المجتمع المتحضر -في نظر ليرنر.
فالمجتمع التقليدي البدائي يتسم بالجمود والانعزال والتمزق. جماعاته صغيرة، وقراه منعزلة، أجزاؤه متباعدة، أفراده بسطاء، وإدراكهم محدود. فهم لا يصلون إلى المعرفة إلا عن طريق التجربة المباشرة الملموسة. ولا يتصورون الانتماء إلى أمة كبيرة، وإنما يحسون بالانتماء إلى الأسرة أو القبيلة أو القرية.
والصحافة كقوة حضارية، تخلق هذه الشخصية الجديدة المرنة، القادرة على التخيل والتحرك الوجداني، ولا تلبث هذه الشخصية أن تصبح دليلا على التطور والتقدم. ولا شك أن الفن الصحفي هو فن بصري بالدرجة الأولى؛ لأنه فن قائم على قراءة الكلمة المطبوعة ومشاهدة العناوين والصور والألوان