للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين رجلين يَنْطِف١ رأسهُ ماءً أو يُهْرِق٢ ماء فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا المسيح ابْنُ مَريمْ، فَذَهبت ألتفت فإذا رجل أحمرُجسيمٌ جَعْدُ الرأس؟ أعوَرُ الْعَيْن الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِيةٌ؟ قلت: مَن هَذا؟ قالوا: الدجالُ: وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ قال الزهري: ابن قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ "فَيَنْزِلُ عِنْدَ المنارة البيضاء شرقي دمَشقَ في مهْرُودَتَيْن٣ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ؟ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَر وَإِذَا رفعهُ تحدَّر مِنْهُ مِثْلُ جُمَانِ اللُّؤْلُؤِ، وَلَا يحِل٤ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِه إِلَّا مَاتَ؟ ونَفَسُهُ يَنْتَهي حَيْثُ يَنْتَهي طَرْفه ".

هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي مَوْضِعِ نُزُولِهِ أَنَّهُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ؟ وَقَدْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ جَامِعِ دِمَشْقَ فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَتَكُونُ الرِّوَايَةُ فَيَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ فَتَصَرَّفَ الرَّاوِي فِي التعبير بحسب ما فهم، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ وَالْأَلْيَقُ، لِأَنَّهُ يَنْزِلُ وَقَدْ أقيمت الصلاة فيقول له: يا إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، يَا رُوحَ اللَّهِ، تَقَدَّمْ، فَيَقُولُ: تقدم أنت فإنها أُقِيمَتْ لَكَ، وَفِي رِوَايَةٍ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أمراء، يكرم الله هذه الأمة، وقد جدد بناء المنارة فِي زَمَانِنَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ من حجارة بيض، وكان بناؤها مِنْ أَمْوَالِ النَّصَارَى الَّذِينَ حَرَقُوا الْمَنَارَةَ الَّتِي كَانَتْ مَكَانَهَا، وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ دَلَائِلَ النبوة الظاهرة حيث قيض اللَّهُ بِنَاءَ هَذِهِ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ مِنْ أَمْوَالِ


١ ينطف: يقطر.
٢يهرق: يسيل.
٣ الثوب المهرود المصبغ بالورس.
٤ لا يحل: لا يتأتى ولا يمكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>