حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثَمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ لِي فِي الشَّفَاعَةِ، فَلَا يَبْقَى نَبِيٌّ ولا شهيد إلا شفع، فيقول الله: أَخْرِجُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ زِنَةَ الدِّينَارِ إِيمَانًا، فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أحد، ثم يشفع اللَّهُ فَيَقُولُ أَخْرِجُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ إيماناً ثلثي دينار، ثم يقول: وثلث دينار، ثم يقول: قيراطاً، ثُمَّ يَقُولُ: حَبَّةً مِنْ خَرْدَلٍ، فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَحَتَّى لَا يَبْقَى فِي النَّارِ مَنْ عَمِلَ لِلَّهِ خَيْرًا قَطُّ، وَحَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ شَفَاعَةٌ إِلا شُفِّعَ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ لَيَتَطَاوَلُ لِمَا يرى من رحمة الله رَجَاءَ أَنْ يُشْفَعَ لَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: بقيت أنا، وأنا أرحم الراحمين، فيدخل يَدَهُ فِي جَهَنَّمَ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا مَا لَا يحصيه غيره، كأنهم حب فَيَبُثُّهُمُ اللَّهُ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ نَهَرُ الحيوان، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، مما يلي الشمس أخضر، ومما يلي الظل منها أصفر، فينبتون حتى يكونوا أمثال الدر، مكتوباً فِي رِقَابِهِمْ الْجَهَنَّمِيُّونَ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ، مَا عَمِلُوا الله خيراً قط، فيبقون في الجنة".
إِلَى هُنَا كَانَ فِي أَصْلِ أَبِي بَكْرِ العربي، عن أبي يعلى رحمه الله، وهو حديث مشهور، رواه جماعات مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي كُتُبِهِمْ، كَابْنِ جَرِيرٍ فِي تفسيره، والطبراني في المطولات، والحافظ البيهقي في كتابه: الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَالْحَافِظِ أَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ فِي المطولات أيضاً من طرق متعددة عن إسماعيل ابن رَافِعٍ قَاصِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ بسببه وفي بعض سياقه نَكَارَةٌ وَاخْتِلَافٌ، وَقَدْ بَيَّنْتُ طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ منفرد.