للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمة أراد بها أحداً، جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} ١..٢.

وبذلك يوضح الشيخ -رحمه الله- أن القادر على النفع والضر هو المستحق للعبادة، ولايقدر على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى؛ فهو الإله المعبود وحده.

وما ذكره الشيخ -رحمه الله- لم ينفرد به، ولم يكن أول من قاله، بل هو معنى معروف قاله العلماء قبله، وهو عقيدة السلف الصالح المستمدة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ ابن رجب٣ -رحمه الله-: "فإن العبد إذا علم أنه لن يصيبه إلا ماكتب الله له من خير وشر، ونفع وضر، وأن اجتهاد الخلق كلهم على خلاف المقدور غير مفيد البتة، علم حينئذ أن الله وحده هو الضار النافع، المعطي المانع، فأوجب ذلك للعبد توحيد ربه عز وجل، وإفراده بالطاعة، وحفظ حدوده؛ فإن المعبود إنما يقصد بعبادته جلب المنافع ودفع المضار، ولهذا ذم الله من يعبد من لا ينفع ولا يضر، ولايغني عن عابده شيئاً. فمن يعلم أنه لا ينفع ولا يضر، ولا يعطي ولا يمنع غير الله أوجب له ذلك إفراده بالخوف، والرجاء، والمحبة، والسؤال، والتضرع، والدعاء، وتقديم طاعته على طاعة الخلق جميعاً، وأن يتقى سخطه. ولو كان فيه سخط الخلق جميعاً٤.


١ سورة مريم، الآية [٤٢] .
٢ أضواء البيان ٧/٧٥.
وقد أشار الشيخ -رحمه الله- لهذا المعنى في عدة مواضع من تفسير أضواء البيان.
(انظر مثلاً: ٣/٢٨٠، ٤/٥٧٢، ٧/٦٠٦) .
٣ أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي، ثم الدمشقي. ولد في بغداد سنة (٧٣٦?) ونشأ وتوفي في دمشق سنة (٧٩٥?) .
(انظر: شذرات الذهب ٦/٣٣٩. والأعلام ٣/٢٩٥) .
٤ جامع العلوم والحكم ص١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>