للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الخوف والرجاء]

امتدح الله من عباده من يجمع في عبادته له سبحانه بين الخوف والرجاء، بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} ١.

وقد جمع الله سبحانه وتعالى بين هاتين العبادتين معلماً بذلك عباده، كي لا يكون المؤمن من القانطين فيما لو اكتفى بالخوف، وترك الرجاء، وكي لا يكون من الآمنيين من مكر الله فيما لو اكتفى بالرجاء وترك الخوف من الله.

وقد أوضح الشيخ الأمين -رحمه الله- هذا المعنى عند تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} ٢، فقال: "بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه ذو مغفرة للناس على ظلمهم، وأنه شديد العقاب، فجمع بين الوعد والوعيد ليعظم رجاء الناس في فضله، ويشتد خوفهم من عقابه وعذابه الشديد؛ لأن مطامع العقلاء محصورة في جلب النفع ودفع الضرّ. فاجتماع الخوف والطمع أدعى للطاعة. وقد بين هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} ٣، وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} ٤، وقوله جل وعلا:


١ سورة الإسراء الآية [٧٥]
٢ سورة الرعد الآية [٦]
٣ سورة الأنعام الآية [١٤٧]
٤ سورة الأنعام الآية [١٦٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>