[المطلب الرابع: رجوع بعض أئمة أهل التأويل عن مذهب الخلف إلى معتقد السلف]
تفانى أئمة المتكلمين في خدمة مذهب الخلف والدعوة إليه والدفاع عنه، وأفنوا أعمارهم في تقويته وتصويبه، وتضعيف وتجهيل معتقد السلف، ولكن الله غالب على أمره؛ فمن عليهم بالهداية، ورجعوا إلى معتقد السلف الصالح، فأثبتوا الصفات ونفوا الكيفية.
وقد اثبتوا رجوعهم بمؤلفات حذروا الناس من خلالها من علم الكلام وأهله، وحثوهم على اعتقاد معتقد السلف لأنه الأسلم والأعلم والأحكم.
ولقد كان للشيخ الأمين -رحمه الله- وقفة متأنية عند هذه الظاهرة؛ حيث جعلها من الأمور التي تقام بها الحجة على بقية القوم الذين أصروا على باطلهم. ولم يراجعوا مذهبهم.
وقد ذكر -رحمه الله- رجوع هؤلاء الأئمة إلى معتقد السلف، وحذر من أصر منهم على مذهبه السابق من مغبة فعله، مبيناً له أن الطريق الذي انتهجه غير محمود العاقبة؛ إذ فيه من التهجم على آيات الله وصفاته، ومن رمي سلف هذه الأمة بالتشبيه والتجسيم الشيء الكثير.
قال -رحمه الله-: "واعلم أن أئمة القائلين بالتأويل رجعوا قبل موتهم عنه؛ لأنه مذهب غير مأمون العاقبة؛ لأن مبناه على ادعاء أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها لا تليق بالله؛ لظهورها وتبادرها في مشابهة صفات الخلق، ثم نفي تلك الصفات الواردة في الآيات والأحاديث لأجل تلك الدعوى الكاذبة المشؤومة، ثم تأويلها بأشياء أخر، دون مستند من كتاب أو سنة أو قول صحابي أو أحد من السلف، وكل مذهب هذه حاله فإنه جدير بالعاقل المفكر أن يرجع عنه إلى مذهب السلف. وقد أشار تعالى في سورة