للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: مقارنة بين مذهب السلف والخلف]

السلف يثبتون صفات الله على الحقيقة، ويفوضون الكيفية إلى العليم الخبير؛ فلا يحرفون، ولا يعطلون، ولا يشبهون، ولا يفوضون المعنى.

وقد غلط المتكلمون في فهم معتقد السلف، ورجحوا عليه مذهب الخلف؛ قال البيجوري١: "طريقة الخلف أعلم وأحكم لما فيها من مزيد الإيضاح، والرد على الخصوم. وهي الأرجح. وطريقة السلف أسلم لما فيها من السلامة من تعيين معنى غير مراد له تعالى"٢.

فكذب على السلف حيث جعل معتقدهم التفويض المحض، والجهل بكلام الله وعدم العلم والفقه؛ فآمنوا باللفظ وجهلوا المعنى. وجعل الخلف أعلم وأفقه وأحكم طريقة؛ لأنهم صرفوا اللفظ إلى معاني بنوع من التكلف٣.

وقد أوضح الشيخ الأمين -رحمه الله- خطأ هذه المقالة وتهافتها، وجورها؛ حيث اتهمت السلف بالجهل بكلام الله، والتفويض المحض، ورد عليها، وأكد أن طريق السلامة متضمن العلم والحكمة؛ إذ لا سلامة إلا بالعلم والحكمة؛ فقال -رحمه الله-: "وصفوا مذهب السلف بأنه أسلم، وهي صيغة تفضيل، من السلامة. وما كان يفوق غيره، ويفضله في السلامة فلا شك أنه أعلم منه وأحكم"٤.


١ هو إبراهيم بن محمد بن أحمد البيجوري؛ شيخ الجامع الأزهر في وقته، اشعري العقيدة. له عدة مؤلفات منها: تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد. توفي سنة (١٢٧٧?) .
(انظر: الأعلام ١/٧١. ومعجم المؤلفين ١/٨٤) .
٢ تحفة المريد ص٩١.
٣ انظر العقيدة الحموية الكبرى ص١٤.
٤ منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص٤٦-٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>