للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذات"١.

أما الشق الثاني من الجواب: فقد عنى به الشيخ -رحمه الله- من أثبت بعض الصفات من غير كيف، وأول الباقي: أنه يلزمه إثبات الجميع لله من غير كيف، أو نفي الجميع؛ لأنها تشابه صفات المخلوقين؛ فقال -رحمه الله-: "الوجه الثاني: أن العرب الذين نزل القرآن بلغتهم لا يعرفون للسمع والبصر مثلاً كيفية إلا هذا المعنى المشاهد في المخلوقين بالحاسة التي هي جارحة، فيلزم قولكم أن يكون إثبات السمع والبصر ونحوهما من الصفات يستلزم التشبيه بحسب الوضع العربي الذي نزل به القرآن. فإن قالوا: لا يلزم من كون الوضع العربي يراد فيه بمعنى السمع والبصر ما هو مشاهد في المخلوقات أن يكون سمع الله وبصره مشابهين لأسماع الخلق وأبصارهم، لتنزيه صفاته عن مشابهة صفاتهم. قلنا: وكذلك نقول في الاستواء ونحوه، ولا وجه البتة للفرق بين السمع والبصر وبين الاستواء، والمشاهد من الجميع في المخلوقات لا يليق بالله جل وعلا، والذي اتصف الله به من الجميع منزه عن مشابهة صفات الخلق؛ كتنزيه سائر صفاته وذاته عن مشابهة صفات الخلق وذواتهم"٢.

ونلاحظ في هذا الجواب قوة الحجة التي عرضها الشيخ الأمين -رحمه الله-، إذ إنه قد استخدم حجة المنازع المثبت لبعض الصفات، فألزمه أن يقول في بعض الصفات كما قال في بعضها الآخر؛ إما إثباتاً، وإما نفياً؛ لأنّ التفريق بينهما قول على الله بغير علم وتحكم بغير دليل، وقد دلت الأدلة السمعية والعقلية على ثبوت الصفات لله من غير كيف.


١ آداب البحث والمناظرة ٢/١٣١. وانظر: أضواء البيان ٧/٤٤٩-٤٥٠.
٢ آداب البحث والمناظرة ٢/١٣١-١٣٢.
وانظر الإجابة عن هذين السؤالين أيضاً: في أضواء البيان ٢/٣٢٠، ٧/٤٤٩-٤٥١. ومنهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>