للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية]

منشأ الضلال في القدر هو من التسوية بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية؛ كما فعل الجبرية والقدرية:

فالقدرية قالوا: إنّ المعاصي والذنوب ليست محبوبة لله، ولامرضية، فليست مقدرة ولا مقضية، فهي عن مشيئته وخلقه.

والجبرية قالوا: الكون كله بقضاء الله وقدره فيكون محبوبا مرضيا١.

وأهل السنة والجماعة أبصروا الحقيقة كلها، فآمنوا بالحقّ الذي عند كلّ واحد من الفريقين، ونفوا الباطل الذي تلبس به كلّ واحد منهما؛ فهم يقولون: إنّ الله وإن كان يريد المعاصي قدرا فهو لايحبها ولايرضاها ولا يأمر بها، بل يبغضها وينهى عنها٢.

وقد أوضح الشيخ الأمين -رحمه الله- الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، فقال -رحمه الله-: "وتحقيق النسبة بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية الدينية أنه بالنسبة إلى وجود المراد وعدم وجوده؛ فالإرادة الكونية أعمّ مطلقا؛ لأنّ كلّ مراد شرعا يتحقق وجوده في الخارج إذا أريد كونا وقدرا؛ كإيمان أبي بكر، وليس يوجد مالم يرد كونا وقدرا ولو أريد شرعا؛ كإيمان أبي لهب. فكلّ مراد شرعي حصل فبالإرادة الكونية، وليس كلّ مراد كوني حصل مرادا في الشرع. وأما بالنسبة إلى تعلق الإرادتين بعبادة


١ انظر شرح الطحاوية ص٢٧٩. ومدارج السالكين ١/٢٥١-٢٥٢.
٢ انظر القضاء والقدر للدكتور عمر الأشقر ص١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>