للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: سماع الموتى]

سماع الموتى من المسائل الخلافية بين العلماء، فمنهم من يرى أنّ الأصل أنّ الموتى لا يسمعون؛ ويستثنون ما ورد فيه النصّ، مثل حديث خفق نعال المشيعين بعد الدفن، وسماع أهل القليب يوم بدر لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم, وخطابه لهم؛ فهو سماع مخصوص ببعض الأحوال.

وقال أصحاب هذا القول: إنّ هذه قضايا جزئية لا تُشكّل قاعدة كلية يعارض بها الأصل المذكور١.

ومن العلماء من يرى أنّ الموتى يسمعون كلام من كلمهم، وأنهم يسمعون سلام الأحياء وخطابهم. ويرون أنّ هذا السماع غير مخصوص بوقت معين، ولا بإنسان بعينه٢.

وقد استدلّ الفريق الأول بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} ٣، وبقوله: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} ٤.

واستدلّ المجيزون بحديث أهل القليب، وحديث قرع النعال، وقالوا: إنه غير مخصوص بأحد، ولا بوقت؛ إذ لا دليل على التخصيص.

وأجابوا عن الآيتين: أنّ المراد بالموتى هنا: الأشقياء الذين لا يسمعون


١ انظر مقدمة تحقيق كتاب الآيات البينات ص٤٠-٤١ للآلوسي تحقيق الشيخ الألباني.
٢ انظر: المصدر نفسه ص٣٧. وتفسير القرطبي ١٣/١٥٤ –وهو الراجح عنده- وأهوال القبور لابن رجب ص٧٦-٧٧. وأضواء البيان ٦/٤٢١-٤٣٩.
٣ سورة فاطر، الآية [٢٢] .
٤ سورة النمل، الآية [٨٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>