للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوَاحِدٌ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} ١: "ووجه توكيده تعالى قوله: {إن إلهكم} بهذه الأقسام، وبـ"إنّ" واللام: هو أنّ الكفار أنكروا كون الإله واحدا إنكاراً شديداً، وتعجبوا من ذلك تعجباً شديداً؛ كما قال تعالى عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ٢. ولما قال تعالى: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} ٣ أقام الدليل على ذلك بقوله: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} ٤.

فكونه خالق السموات والأرض الذي جعل فيها المشارق والمغارب برهان قاطع على أنه المعبود وحده. وهذا البرهان القاطع الذي أقامه هنا على أنه هو الإله المعبود وحده أقامه على ذلك أيضاً في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلآ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ٥، فقد أقام البرهان على ذلك بقوله بعده متصلاً به: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ٦ ٧.

فأدلة القرآن الكريم على ذلك البرهان ساطعة، وقد رأينا كيف أورد الشيخ -رحمه الله- هذا الدليل فأوضح أن خلق السموات والأرض دليل قاطع وبرهان ساطع على أن خالقها قدير عليم، وحكيم خبير، وأنه هو المستحق


١ سورة الصافات، الآيتان [٤-٥] .
٢ سورة ص، الآية [٥] .
٣ سورة الصافات، الآية [٤] .
٤ سورة الصافات، الآية [٥] .
٥ سورة البقرة، الآية [١٦٣] .
٦ سورة البقرة، الآية [١٦٤] .
٧ أضواء البيان ٦/٦٧٣. وانظر كذلك المصدر نفسه: ٤/٤٤٠-٤٤١، ٧/٧٤، ٦٤٤، ٦٧٥، ٧٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>