للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الآيات التي أسند الله فيها خلق الإنسان لنفسه المقدسة، وذكر فيها الأطوار التي يتدرج فيها الإنسان أثناء خلقه، فقال -رحمه الله-: "وهذا كثير في القرآن؛ يدعو العبد إلى النظر والتفكر في مبدأ خخلقه، ووسطه، وآخره؛ إذ نفسه وخلقه من أعظم الدلائل على خالقه وفاطره، وأقرب شيء إلى الإنسان نفسه، وفيه من العجائب الدالة على عظمة الله ما تنقضي الأعمار في الوقف على بعضه، وهو غافل عنه معرض عن التفكير فيه. ولو فكر في نفسه لزجره ما يعلم من عجائب خلقها عن كفره؛ قال الله تعالى: {قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} ١ ٢.

فالشيخ الأمين -رحمه الله- يوضح أن خلق الإنسان بهذه الصفة العجيبة دليل باهر على ربوبية الله سبحانه وتعالى وتفرده بالعبادة وحده؛ فالقادر على هذا الخلق العظيم جدير بأن تصرف إليه العبادة وحده جل وعلا.

ثالثاً: إنزال الماء:

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} ٣. فالحياة قائمة على عنصرين: الماء والهواء.

وقد امتنّ الله على عباده بإنزال الماء إليهم بالقدر الذي فيه صلاحهم ونفعهم، لينتفعوا به. ويعرفوا خالقهم فيشكروه ويحمدوه على هذه النعمة العظيمة.

وقد أوضح الشيخ -رحمه الله- هذا المعنى؛ فقال عند تفسيره قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ


١ سورة عبس، الآيات [١٧-٢٢] .
٢ مفتاح دار السعادة ١/٢٣٧.
٣ سورة الأنبياء، الآية [٣٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>