للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر: فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته؛ فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا؛ فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" ١. هذا لفظ مسلم -رحمه الله- في صحيحه، ولا شك أن من قال: مطرنا ببخار كذا؛ مسنداً ذلك للطبيعة، أنه كافر بالله مؤمن بطبيعة البخار ... ولا شك أن خالق السموات والأرض جل وعلا هو منزل المطر على القدر الذي يشاء كيف يشاء سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً" ٢.

وهكذا يرد الشيخ -رحمه الله- على هؤلاء الملاحدة الذين جحدوا وجود الرب سبحانه وتعالى، وعطلوه عن ربوبيته وألوهيته، وهم يتقبلون في نعمته، ويأكلون ويشربون من فضله، ويرون هذا البرهان العظيم فلا يؤمنون.

ويؤكد -رحمه الله- أن الله هو المتفرد بالخلق والإيجاد، المنعم على الناس بفضله وقدرته، فالواجب عليهم أن يعبدوه وحده ولا يشركوا معه غيره، فسبحانه من إله عظيم امتنّ على عباده بجميع الخيرات.

وقد أشار الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- إلى هذا الدليل الذي ذكره الشيخ الأمين، وجعله دليلاً على إفراد الله بالعبادة؛ يقول السعدي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} ٣: "يذكر الله تعالى في هذه الآية نعمة من أعظم النعم، ليعقلوا عن الله مواعظه وتذكيره،


١ صحيح مسلم ١/٨٣-٨٤.
٢ أضواء البيان ٥/٧٨٦. وانظر المصدر نفسه ٥/٧٨٤.
٣ سورة النحل، الآية [٦٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>