للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَفِيّاً} ١: "أي دعاه في سر وخفية. وثناؤه جل وعلا عليه بكون دعائه خفياً يدلّ على أن إخفاء الدعاء أفضل من إظهاره وإعلانه. وهذا المعنى المفهوم من هذه الآية جاء مصرحاً به في قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَة} الآية٢، وقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ٣. وإنما كان الإخفاء أفضل من الإظهار لأنه أقرب إلى الإخلاص، وأبعد من الرياء" ٤.

وما ذهب إليه الشيخ الأمين -رحمه الله- من أن إخفاء الدعاء أفضل من الجهر به قال جمع غفير من العلماء٥.

فالشيخ الأمين -رحمه الله- إنما أراد بقوله: "إخفاء الدعاء أفضل من إظهاره" أن يؤكد أن ذلك أقرب إلى الإخلاص، وأبعد عن الرياء. وإذا كان الدعاء كذلك فهو أحرى بالإجابة.

المسألة الثالثة: النهي عن التعدي في الدعاء:

يوضح الشيخ -رحمه الله- أنه لا ينبغي أن يطلب من الله ما ليس فيه مصلحة للسائل خوفاً أن يكون مما لا يرضاه الله ولا يحبه، فيقع السائل في المحظور.

يقول -رحمه الله- موضحاً هذا المعنى عند قوله تعالى: {فَلا تَسْأَلْنِ مَا


١ سورة مريم، الآية [٣] .
٢ سورة الأنعام، الآية [٦٣] .
٣ سورة الأعراف، الآية [٥٥] .
٤ أضواء البيان ٤/٢٠٣-٢٠٤.
٥ منهم على سبيل المثال: القرطبي في الجامع لآحكام القرآن ٧/١٤٣، ١١/٥٢. وشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ١٥/١٥-١٩. وابن القيم في بدائع الفوائد ٣/٦-٩. والألوسي في روح المعاني ١٦-٥٦. وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>