للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} ١، ونهى في موضع آخر عن توليهم مبيناً سبب التنفير منه، وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُور} ٢. وبين في موضع آخر أن محل ذلك فيما إذا لم تكن الموالاة بسبب خوف وتقية، وإن كانت بسبب ذلك فصاحبها معذور، وهو قوله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} ٣: فهذه الآية الكريمة فيها بيان لكلّ الآيات القاضية بمنع موالاة الكفار مطلقاً، وإيضاح الكلام: لأن محل ذلك في حالة الاختيار، وأما عند الخوف والتقية فيرخص في موالاتهم بقدر المداراة التي يتقى بها شرهم. ويشترط في ذلك سلامة الباطن من تلك الموالاة:

ومن يأت الأمور على اضطرار

فليس كمثل آتيها اختياراً

ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمداً اختياراً رغبة فيهم أنه كافر مثلهم" ٤.

وهذا الذي ذكره الشيخ -رحمه الله- أورد نحوه الإمام ابن جرير الطبري٥ -


١ سورة المائدة، الآيتان [٨٠-٨١] .
٢ سورة الممتحنة، الآية [١٣] .
٣ سورة آل عمران، الآية [٢٨] .
٤ أضواء البيان ٢/١١٠-١١١.
وانظر تفصيل ذلك أيضاً في: المصدر نفسه ٢/٤٣١، ٤٨٤، ٧/٢٢٩، ٨٢٤. ومعارج الصعود ص١٤٤.
٥ أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ وتهذيب الآثار. إمام ثقة حافظ. ولد سنة (٢٤٠?) ، وتوفي في بغداد سنة (٣١٠?) .
(انظر: البداية والنهاية ١١/١٥٦، وسير أعلام النبلاء ١٤/٢٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>