للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام وإزالتها بالكلية، فإن النداء بها حينئذ معناه الحقيقي: أنه نداء إلى التخلي عن دين الإسلام، ورفض الرابطة السماوية رفضاً باتاً، على أن يعتاض عن ذلك بروابط عصبية قومية، مدارها على أن هذا من العرب، وهذا منهم أيضاً مثلاً. فالعروبة لا يمكن أن تكون خلفاً من الإسلام، واستبدالها به صفقة خاسرة" ١.

وقال -رحمه الله- أيضاً: "وبالجملة فلا خلاف بين المسلمين أن الرابطة التي تربط أفراد أهل الأرض بعضهم ببعض، وتربط بين أهل الأرض والسماء هي رابطة "لا إله إلا الله" فلا يجوز النداء البتة برابطة غيرها، ومن والى الكفار بالروابط النسبية محبة لهم، ورغبة فيهم يدخل في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ٢ وقوله تعالى: {إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} ٣، والعلم عند الله تعالى" ٤.

وقال -رحمه الله- مبيناً موقف المسلم من قريبه الكافر: " ... وأن منع النداء بروابط القوميات لا ينافي أنه ربما انتفع المسلم بنصرة قريبه الكافر بسبب العواطف النسبية، والأوامر العصبية التي لاتمت إلى الإسلام بصلة؛ كما وقع من أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم. وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " ٥. ولكن تلك القرابات النسبية لايجوز أن تجعل هي الرابطة بين المجتمع؛ لأنها تشمل المسلم والكافر، ومعلوم أن المسلم عدو الكافر، كما


١ أضواء البيان ٣/٤٤٥.
٢ سورة المائدة، الآية [٥١] .
٣ سورة الأنفال، الآية [٧٣] .
٤ أضواء البيان ٣/٤٤٨.
٥ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد ٣/١١١٤ رقم ٢٨٩٧. ومسلم في صحيحه (١/١٠٦) ، كلاهما من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>