للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدواهي، لايجوز إلا لله وحده؛ لأنه من خصائص الربوبية، فصرف ذلك الحق لله، وإخلاصه له هو عين طاعة الله ومرضاته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ومرضاته، وهو عين التوقير والتعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أعظم أنواع توقيره وتعظيمه هو اتباعه والاقتداء به في إخلاص التوحيد والعبادة لله وحده جل وعلا"١.

ثم بين -رحمه الله- الأدلة من القرآن الكريم على أن الإخلاص حق لله؛ لأنه هو الخالق الرازق القادر على كشف الدواهي والشدائد وحده؛ فقال -رحمه الله-: "بين جل وعلا في آيات كثيرة من كتابه أنّ التجاء المضطر من عباده إليه وحده في أوقات الشدة والكرب من خصائص ربوبيته تعالى. ومن أصرح ذلك الآيات التي في سورة النمل؛ أعني قوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} إلى قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٢...."٣.

ثم بيّن -رحمه الله- محل الشاهد في هذه الآيات أنه قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} ٤ فقال -رحمه الله-: "فهذه المذكورات التي هي إجابة المضطر إذا دعاه، وكشف السوء، وجعل الناس خلفاء في الأرض من خصائص ربوبيته جل وعلا، ولذا قال بعدها: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} . فتأمل قوله تعالى: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه} ، مع قوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء} تعلم أنّ إجابة المضطرين إذا التجؤوا ودعوا وكشف السوء عن المكروبين، لا فرق في كونه من خصائص الربوبية


١ أضواء البيان ٧/٦١٨.
٢ سورة النمل، الآية [٥٩-٦٤] .
٣ أضواء البيان ٧/٦١٨.
٤ سورة النمل، الآية [٦٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>