للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثنى الله جل وعلا على نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالتجائهم إليه وقت الكرب يوم بدر في قوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} الآية١. فنبينا صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه إذا أصابهم أمر أو كرب التجأوا إلى الله وأخلصوا له الدعاء، فعلينا أن نتبع ولانبتدع" ٢.

فالشيخ -رحمه الله- بيّن أن الإخلاص لله لابد أن يكون في جميع أنواع العبادة، لا يشرك مع الله أحداً من خلقه، ولو كان ملكاً مقرباً، أو نبياً مرسلاً؛ لأنه حق الله الذي افترضه على عباده، والعلامة الفارقة بين الإيمان والكفر.

ولكن هذا الحق صرف عند بعض الناس –ممن يدّعون الإسلام وزين لهم الشيطان سوء عملهم- إلى غير الله، فالتجأوا إلى ذلك الغير بأنواع العبادات من رغبة ورهبة عند نزول الملمات والكروب فصارت حالهم أعظم من حال المشركين الأوائل الذين كانوا يخلصون في الشدائد، ويشركون في الرخاء.

وقد وضح الشيخ الأمين حال هؤلاء فقال: "إن الله ذم الكفار وعاتبهم بأنهم في وقت الشدائد والأهوال خاصة يخلصون العبادة له وحده، ولا يصرفون شيئاً من حقه لمخلوق، وفي وقت الأمن والعافية يشركون به غيره في حقوقه الواجبة له وحده، التي هي عبادته وحده في جميع أنواع العبادة. ويعلم من ذلك أن بعض الجهلة المتسمين باسم الإسلام أسوأ حالاً من عبدة الأوثان؛ فإنهم إذا دهمتهم الشدائد، وغشيتهم الأهوال والكروب التجأوا إلى غير الله ممن يعتقدون فيه الصلاح في الوقت الذي يخلص فيه الكفار العبادة لله، مع أن الله جل وعلا أوضح في غير موضع أن إجابة المضطر وإنجاءه من الكروب من حقوقه التي لايشاركه فيها غيره" ٣.


١ سورة الأنفال، الآية [٩] .
٢ أضواء البيان ٧/٦٢٥-٦٢٦. وانظر المصدر نفسه ٤/٥٦١.
٣ أضواء البيان ٣/٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>