للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن أجازه المازري١، وقال: هو مذهب الأشعرية٢؛ لأنه لا فاعل إلا الله تعالى٣.

وكذلك أجازه القرطبي، ونقل ذلك عن بعض مشايخه، فقال: "قالوا: ولا يبعد في السحر أن يستدق جسم الساحر حتى يتولج في الكوات والخوخات، والانتصاب على رأس قصبة، والجري على خيط مستدق، والطيران في الهواء، والمشي على الماء، وركوب كلب، وغير ذلك. ومع ذلك فلا يكون السحر موجباً لذلك، ولا علة لوقوعه، ولا سبباً مولداً، ولا يكون الساحر مستقلاً به، وإنما يخلق الله تعالى هذه الأشياء ويحدثها عند وجود السحر. كما يخلق الشبع عند الأكل، والري عند شرب الماء" ٤.

أما موقف الشيخ -رحمه الله- فيختلف عن موقف من أجازه بهذا المعنى الذي تقدم؛ فإنه -رحمه الله- قد أوضح أن هذا النوع من السحر مقتدر


١ هو العلامة محمد بن علي بن عمر التميمي المازري، من كبار فقهاء المالكية، كان بصيراً بعلم الحديث. توفي سنة (٥٣٦هـ) . (انظر: سير أعلام النبلاء ٢٠/١٠٤. وشذرات الذهب ٤/١١٤) .
٢ هم أتباع أبي الحسن الأشعري، وعلى مذهبه في طوره الثاني، وكان –في طوره الثاني- على معتقد الكلابية، ثم رجع إلى معتقد أهل السنة والجماعة، والأشعرية الأغلب عليهم أنهم مرجئه في باب الأسماء والأحكام، جبرية في باب القدر، أما في الصفات فليسوا بجهمية بل فيهم نوع من التجهم.
(راجع: الفتاوى ٦/٥٥. وانظر: الملل والنحل ص٩٤- ١٠٣. ومقدمة تحقيق د/عبد الله شاكر لرسالة أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري ص٦٣-٦٨) .
٣ انظر شرح النووي على صحيح مسلم ١٤/١٧٥.
(وانظر ص٢٦٣ ففيها نقد للعبارة الأخيرة لأنها خطأ) .
٤ الجامع لأحكام القرآن ٢/٣٣. إلا أنه لم يذكر تحويل الساحر الإنسان إلى حمار، والحمار إلى إنسان.
ونقل عنه الحافظ ابن حجر قوله: (والحقّ أنّ لبعض أصناف السحر تأثيراً في القلوب؛ كالحبّ والبغض وإلقاء الخير والشر، وفي الأبدان؛ بالألم والسقم. وإنما المنكور أنّ الجماد ينقلب حيواناً أو عكسه بسحر الساحر، ونحو ذلك) . (انظر: فتح الباري ١٠/٢٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>