للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشياء، ولا فعل للعبد عندهم، والله هو الفاعل. وهذا هو قول الأشاعرة كما مرّ معنا، وهو مخالف للنقل والعقل وهو حقيقة قول الجبرية١. وقد بين شيخ الإسلام -رحمه الله- مقدورات الله، وأنها على قسمين، فقال: "منها ما يفعله بواسطة قدرة العبد؛ كأفعال العباد وما يصنعونه. ومنها ما يفعله بدون ذلك؛ كإنزال المطر" ٢.

وبهذا يتضح مراد الشيخ الأمين -رحمه الله-؛ وهو أنّ الله يعطي الساحر من الأسباب ما به يستطيع أن تحصل له هذه الأمور، والله هو خالق الأسباب ومسبباتها.

ثانياً: ما ذكر الشيخ -رحمه الله- من الأمثلة المختلف فيها عن مقدورات الساحر: فهي بمقدور الخلق من الجنّ والإنس فعله، وليست بصعبة عليهم. أما المثال الذي ذكره ضمن الأمثلة؛ وهو أن الساحر بمقدوره أن يقلب الإنسان حماراً، والحمار إنساناً: فهذا ليس باستطاعة الخلق فعله؛ لأنه ليس من مقدورهم، إلا على سبيل التخييل والشعوذة؛ لأن السحرة تساعدهم الشياطين، وهذا الأمر ليس باستطاعة الشياطين فعله؛ لأنها لا تستطيع قلب عين إلى آخر، ولا التصرف في الطبائع والحقائق، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وجميع ما يختص بالسحرة والكهان وغيرهم ممن ليس بنبيّ: لا يخرج عن مقدور الإنس والجنّ. وأعني بالمقدور: ما يمكنهم التوصل إليه بطريق من الطرق....فما يقدر عليه الساحر من سحر بعض الناس حتى يمرض أو يموت هو من مقدور الجنّ،


١ فالله هو الخالق –والعبد هو الفاعل فهو المصلي والصائم، والسارق والشارب، فهذه أفعال العبد التي يثاب ويعاقب عليها والله الخالق: والله خلقكم وما تعملون، فالله خالق أفعال العباد، والعباد يفعلون أفعالهم حقيقة. هذا معتقد أهل السنة، وانظر منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حول هذا الموضوع ٣/١٢-٢٠.
٢ النبوات ص٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>