للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابق إلى فهم من في قلبه شيء من الإيمان هو التنزيه التام عن مشابهة شيء من صفات الحوادث. فبمجرد إضافة الصفة إليه جلّ وعلا يتبادر إلى الفهم أنه لا مناسبة بين تلك الصفة الموصوف بها الخالق، وبين شيء من صفات المخلوقين، وهل ينكر عاقل أن السابق إلى الفهم المتبادر لكل عاقل: هو منافاة الخالق للمخلوق في ذاته وجميع صفاته، لا والله لا ينكر ذلك إلا مكابر" ١.

ثم يبيّن -رحمه الله- السبب الذي جعل هؤلاء المعطلة يقولون إن الظاهر من معاني الصفات التشبيه؛ فيقول: "والجاهل المفتري الذي يزعم أن ظاهر آيات الصفات لا يليق بالله لأنه كفر وتشبيه، وإنما جر إليه ذلك تنجيس قلبه بقذر التشبيه بين الخالق والمخلوق، فأداه شؤم التشبيه إلى نفي صفات الله جلّ وعلا، وعدم الإيمان بها، مع أنه جلّ وعلا هو الذي وصف بها نفسه، فكان هذا الجاهل مشبهاً أولاً، ومعطلاً ثانياً. فارتكب ما لا يليق بالله ابتداء وانتهاء، ولو كان قلبه عارفاً بالله كما ينبغي، معظما لله كما ينبغي، طاهراً من أقذار التشبيه، لكان المتبادر عنده السابق إلى فهمه: أن وصف الله جلّ وعلا بالغ من الكمال والجلال ما يقطع أوهام علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فيكون قلبه مستعداً للإيمان بصفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن والسنة الصحيحة، مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق، على نحو قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ٢"٣.

وقال -رحمه الله- في موضع آخر: "إنه يجب على كل مسلم أن يعتقد هذا


١ أضواء البيان ٢/٣٢٠.
٢ سورة الشورى، الآية [١١] .
٣ أضواء البيان ٢/٣٢٠. وانظر: منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>