للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوع يطرد بالرغيف اليابس

فعلام تكثر حسرتي ووساوسي

وكان اهتمامه بالعلم، والعلم وحده، وكل العلوم عنده آلة ووسيلة، وعلم الكتاب وحده غايته"١.

وحدثني ابنه عبد الله حفظه الله عن زهده فقال: "كان -رحمه الله - لايريد الدنيا، ولايهتم بها، ويحرص على الاقتصاد".ويقول: "الذي يفرحنا أن الدنيا لو كانت ميتة لأباح الله منها سد الخلة. وكان يقول: "لم أقترض قط لأحد، ولم أبع، ولم أشتر، وترك لي والدي ثروة فكنت أعيش منها، وكان عندي كنز عظيم أرجو الله أن لا يضيع مني؛ هو القناعة"٢.

وقد أخبرني أيضاً أنه كان في المدينة، وكان لايوجد عنده أي مال، وقد وعده أحد جيرانه أن يقترض له مالاً. ولما أراد الشيخ - رحمه الله - أن يأتيه وجده يشتغل، وعليه ملابس متبذلة، فرجع عنه وكأنه وجد في نفسه قليلاً أنه في عازة. قال: "ولم أشعر حتى خررت ساجداً في الطريق في الغبار، ورفعت رأسي وعندي فرح ونشوة لايعلمها إلا الله إكراماً لما أعطاني من العلم، فكيف أريد دنيا وربي أكرمني بالعلم، وبفهم كتاب الله. فذهبت إلى البيت وكأن الدنيا كملت لي لاستشعاري نعمة الله عليّ بما أعطاني من فهم القرآن. وقد سد الله لي تلك الحاجة من غير أن أسأل أحداً ونذهب لأحد إكراماً منه وفضلاً"٣.

وأخبرني ولده عبد الله أيضاً، قال: "كان - رحمه الله - يخاف من الدنيا، ويكلمني بقوله: "احذر من الدنيا؛ فإنها كالماء المالح، والشيطان يكذب عليك ويقول: "اجمع الأموال لتتصدق بها، وتبني بها المدارس، وتعمل بها


١ انظر ترجمة الشيخ بقلم تلميذه الشيخ عطية محمد سالم، المدرس في المسجد النبوي، والقاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة المنورة في مقدمة أضواء البيان ١/٦١ – ٦٢.
٢ نقلاً عن الدكتور/ عبد الله بن الشيخ محمد الأمين.
٣ نقلاً عن الدكتور/ عبد الله بن الشيخ محمد الأمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>