للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {أيدينا} لمجرد التعظيم. وما كان كذلك لا يدل على التعدد، فيطلب الدليل من غيره، فإن دل على أن المراد بالتعظيم واحد حكم به. فقوله مثلاً: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ١ قام فيه البرهان القطعي أنه حافظ واحد. وكذلك قوله: {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} ٢، {أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} ٣، {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} ٤؛ فإنه قد قام في كل ذلك البرهان القطعي على أنه خالق واحد، ومنزل واحد، ومنشئ واحد. وأما قوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} فقد دل البرهان القطعي على أن الله موصوف بصفة اليدين كما صرح به في قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} كما تقدم إيضاحه قريباً. وقد علمت أن صيغة الجمع في قوله: {لَحَافِظُونَ} ، وقوله: {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} ، وقوله: {أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} ، وقوله: {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} ، وقوله: {خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ٥، لا يراد بشيء منه معنى الجمع، وإنما يراد به التعظيم فقط"٦.

وهذا الجواب من الشيخ -رحمه الله- مقنع لمن أراد الحق ومعرفة معتقد السلف؛ فهو مقنع لطالب الحق غاية الإقناع بما اشتمل عليه من تقرير علمي رصين.

وقد نبه الشيخ الأمين -رحمه الله- إلى أن قوله تعالى في سورة الذاريات: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} ٧أن هذه الآية ليست من آيات الصفات، وأن {أيد} لا يراد منها صفة اليد، وإنما هي بمعنى القوة؛ فقال -


١ سورة الحجر، الآية [٩] .
٢ سورة الواقعة، الآية [٥٩] .
٣ سورة الواقعة، الآية [٦٩] .
٤ سورة الواقعة، الآية [٧٢] .
٥ سورة يس، الآية [٧١] .
٦ أضواء البيان ٧/٤٦٣- ٤٦٥.
وانظر كلام أبي الحسن في الإبانة (ص١٠٤) ، وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة التدمرية (ص٧٥) عن هذا الإشكال.
٧ سورة الذاريات، الآية [٤٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>