للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أوضح الشيخ -رحمه الله- هذه الصفة العظيمة فقال: "علم الغيب صفة مختصة بالله تعالى، وقد نفاها عن كلّ خلقه. وكونه يطلع بعض خلقه على بعض الغيب لا يقتضي أن يوصفوا بما وصف به"١.

وقال -رحمه الله- في موضع آخر، عند تفسير قوله تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} ٢: "بيّن تعالى في هذه الآية الكريمة أنه يقصّ على عباده يوم القيامة ما كانوا يعملونه في الدنيا، وأخبرهم بأنه جل وعلا لم يكن غائباً عما فعلوه أيام فعلهم له في دار الدنيا، بل هو الرقيب الشهيد على جميع الخلق، المحيط علمه بكلّ ما فعلوه من صغير وكبير، وجليل وحقير.

وبيّن هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ٣، وقوله: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ٤، وقوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ٥"٦.


١ معارج الصعود ص١٠٣.
٢ سورة الأعراف، الآية [٧] .
٣ سورة المجادلة، الآية [٧] .
٤ سورة الحديد، الآية [٤] .
٥ سورة يونس، الآية [٦١] .
٦ أضواء البيان ٢/٢٩١. وانظر: المصدر نفسه ٢/٣٠٣، ٣٠٨.
ومنهج ودراسات ص١٥-١٦. ورحلة الحج ص٧٦. ومعارج الصعود ص٤٥، ٤٧، ٦٧، ١٠٠. وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن صفة العلم في الفتاوى ٦/٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>