للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، ولا سيما في العقائد" ١.

الشبهة الرابعة: الصفة التي لا يشتق منها تؤول:

قال -رحمه الله-: "ومن الغريب أن بعض الجاحدين لصفات الله المؤولين لها بمعان لم ترد عن الله ولا عن رسوله يؤمنون فيها ببعض الكتاب دون بعض؛ فيقرون بأن الصفات السبع التي تشتق منها أوصاف ثابتة لله مع التنزيه، ونعني بها القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام؛ لأنها يشتق منها قادر حي عليم إلخ. وكذلك في بعض الصفات الجامعة؛ كالعظمة والكبرياء والملك والجلال مثلاً؛ لأنها يشتق منها العظيم والمتكبر والجليل والملك. وهكذا يجحدون كل صفة ثبتت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لم يشتق منها غيرها؛ كصفة اليد والوجه، ونحو ذلك. ولا شك أن هذا التفريق بين صفات الله التي أثبتها لنفسه، أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم لا وجه له البتة بوجه من الوجوه، ولم يرد عن الله ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم الإذن في الإيمان ببعض صفاته وجحد بعضها، وتأويله؛ لأنها لا يشتق منها. وهل يتصور عاقل أن يكون عدم الاشتقاق مسوغاً لجحد ما وصف الله به نفسه؟ ولا شك عند كل مسلم راجع عقله أن عدم الاشتقاق لا يرد به كلام الله فيما أثنى به على نفسه، ولا كلام رسوله فيما وصف به ربه. والسبب الموجب للإيمان إيجاباً حتماً كلياً هو كونه من عند الله، وهذا هو الذي علم الراسخون في العلم أنه الموجب للإيمان بكل ما جاء عن الله سواء استأثر الله بعلمه؛ كالمتشابه، أو كان مما يعلمه الراسخون في العلم، كما قال الله عنهم: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ٢"٣.


١ رحلة الحج، للشيخ الأمين -رحمه الله- ص٨٣.
٢ سورة آل عمران، الآية [٧] .
٣ أضواء البيان ٧/٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>