للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفَسَق} ١، وهو أظهر شيء في الموضوع من نصوص الوحي، والعلم عند الله تعالى"٢.

وما رجحه الشيخ الأمين –رحمه الله- من كون إبليس من الجن هو ما تطمئن النفس إليه؛ لتضافر الأدلة عليه، وقد قال إبليس عن نفسه: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ٣. وجاء في الحديث: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" ٤؛ فهذا صريح في كونه من الجن، وهو ما رجحه أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقد قال عن إبليس لعنه الله: "وجعله بعض الناس من الملائكة لدخوله في الأمر بالسجود، وبعضهم من الجن لأن له قبيلاً وذرية، ولكونه خلق من نار، والملائكة خلقوا من نور. والتحقيق: أنه كان منهم باعتبار صورته، وليس منهم باعتبار أصله، ولا باعتبار مثاله"٥.

هل يدخل المؤمنون من الجن الجنة؟

تطرق -رحمه الله- إلى هذه المسألة، وذكر لأهل العلم قولين فيها، ورد على من منع دخولهم الجنة مرجحاً أن المؤمنين من الجن يدخلونها؛ فقال -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} ٦: "تمسك جماعة من العلماء؛ منهم الإمام أبوحنيفة -رحمه الله تعالى- بظاهر هذه الآية، فقالوا: إن المؤمنين المطيعين من الجن لا يدخلون الجنة. مع أنه جاء في آية أخرى ما يدل على أن مؤمنيهم في الجنة، وهي قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ٧؛ لأنه تعالى بين شموله للجن والإنس بقوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ


١ سورة الكهف، الآية [٥٠] .
٢ أضواء البيان ٤/١٢١. وانظر المصدر نفسه ٢/٢٩٣.
٣ سورة الأعراف، الآية [١٢] .
٤ أخرجه مسلم ٤/٢٢٩٤.
٥ مجموع فتاوى ابن تيمية ٤/٣٤٦.
٦ سورة الأحقاف، الآية [٣١] .
٧ سورة الرحمن، الآية [٤٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>