للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كتاب أو سنة لا يجوز أن يخصص بها نص من كتاب أو سنة إجماعاً. وقوله: "إن عيسى لم يتناوله عموم الحديث" فيه أن لفظ الحديث من أصله لم يتناول عيسى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم, قال فيه: "لم يبق على ظهر الأرض، ممن هو بها اليوم أحد "١فخصص ذلك بظهر الأرض، فلم يتناول اللفظ من في السماء، وعيسى قد رفعه الله من الأرض كما صرح بذلك في قوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} ٢، وهذا واضح كما ترى، ودعوى حياة أصحاب الكهف، وفتى موسى ظاهرة السقوط، ولو فرضنا حياتهم، فإن الحديث يدل على موتهم عند المائة كما تقدم، ولم يثبت شيء يعارضه. وقوله: "إن الخضر ليس مشاهداً للناس، ولا ممن يخالطهم حتى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضاً"، يقال فيه: إن الاعتراض يتوجه عليه من جهتين:

الأولى: أن دعوى كون الخضر محجوباً عن أعين الناس كالجن والملائكة دعوى لا دليل عليها، والأصل خلافها؛ لأن الأصل أن بني آدم يري بعضهم بعضاً لاتفاقهم في الصفات النفسية ومشابهتهم فيما بينهم.

الثانية: أنا لو فرضنا أنه لايراه بنو آدم، فالله الذي أعلم النبي بالغيب الذي هو: "هلاك كل نفس منفوسة في تلك المائة" عالم بالخضر، وبأنه نفس منفوسة. ولو سلمنا جدلاً أنه فرد نادر لا تراه العيون، وأن مثله لم يقصد بالشمول في العموم؛ فأصح القولين عند علماء الأصول شمول العام والمطلق للفرد النادر والفرد الغير مقصود، خلافاً لمن زعم أن الفرد النادر وغير المقصود لا يشملهما العام ولا المطلق"٣.


١ سبق تخريجه.
٢ سورة النساء، الآية [١٥٧] .
٣ أضواء البيان ٤/١٧٢-١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>