للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم فند بالأدلة والبراهين القوية ما قد يتوهم من أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره كحياته في الدنيا، فقال -رحمه الله-: "ولو كانت كالحياة التي يعرفها أهل الدنيا لما قال الصديق رضي الله عنه: إنه صلى الله عليه وسلم مات، ولما جاز دفنه ولانصب خليفة غيره، ولا قتل عثمان، ولا اختلف أصحابه، ولاجرى على عائشة ما جرى، وليسألوه عن الأحكام التي اختلفوا فيها بعده؛ كالعول، وميراث الجد والإخوة، ونحو ذلك. وإذا صرح القرآن بأن الشهداء أحياء في قوله تعالى: {بل أحياء} ، وصرح القرآن بأن هذه الحياة لا يعرف حقيقتها أهل الدنيا بقوله: {ولكن لا تشعرون} ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أثبت حياته في القبر بحيث يسمع السلام ويرده، وأصحابه الذين دفنوه صلى الله عليه وسلم لا تشعر حواسهم بتلك الحياة: عرفنا أنها حياة لا يعقلها أهل الدنيا أيضاً، ومما يقرب هذا للذهن حياة النائم؛ فإنه يخالف الحي في جميع التصرفات، مع أنه يدرك الرؤيا ويعقل المعاني. والله أعلم"١.

ثم استشهد -رحمه الله- بكلام ابن القيم، فقال: "قال العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتاب الروح، ما نصه: ومعلوم بالضرورة أن جسده صلى الله عليه وسلم في الأرض طري مطرى، وقد سأله الصحابة: "كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ " فقال: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "٢. ولو لم يكن جسده في ضريحه لما أجاب بهذا الجواب. وقد صح عنه أنه خرج بين أبي بكر وعمر، وقال: " هكذا نبعث "٣، هذا مع القطع بأن روحه الكريمة في الرفيق الأعلى في أعلى


١ دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب –الملحق بأضواء البيان ١٠/٣٠-٣١.
٢ أخرجه ابن ماجه ١/٣٤٥. وأبو داود ١/٦٣٥، وليس فيه: (أن تأكل) . وقال النووي في (رياض الصالحين ص٥٣٠) : بإسناد صحيح.
٣ أخرجه الإمام أحمد بعدة اسانيد (في فضائل الصحابة ١/١٠٥، ١٦٤، ٢٠٢، ٣٩٥) بلفظ: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وقال: "هكذا نبعث". ومدار الأسانيد على سعيد بن مسلمة الأموي، وهو ضعيف. (انظر تهذيب التهذيب ٤/٨٣-٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>