للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل ذلك كثيرة. ثم إنه تعالى لما صرح هنا بأن هذا القرآن ما كان أن يفترى على الله وأقام البرهان القاطع على أنه من الله؛ فتحدى جميع الخلق بسورة واحدة مثله. ولاشك أنه لو كان من جنس كلام الخلق لقدر الخلق على الإتيان بمثله، فلما عجزوا عن ذلك كلهم حصل اليقين والعلم الضروري أنه من الله جل وعلا. قال جل وعلا في هذه السورة: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ١، وتحداهم أيضاً في سورة البقرة بسورة واحدة من مثله، بقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} الآية٢، وتحداهم في هود بعشر سور مثله، بقوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} الآية٣، وتحداهم في الطور به كله بقوله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} ٤، وصرح في سورة بني إسرائيل بعجز جميع الخلائق عن الإتيان بمثله بقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} ٥ كما قدمنا، وبين أنهم لايأتون بمثله أيضاً بقوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُو} ٦"٧.

وقال -رحمه الله- أيضاً: "وبين جل وعلا هنا أن الإعجاز القرآني دليل قطعي وبرهان يقيني على صدق الوحي وصحة الرسالة: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّه} ٨"٩.


١ سورة يونس، الآية [٣٨] .
٢ سورة البقرة، الآية [٢٣] .
٣ سورة هود، الآية [١٣] .
٤ سورة الطور، الآية [٣٤] .
٥ سورة الإسراء، الآية [٨٨] .
٦ سورة البقرة، الآية [٢٤] .
٧ أضواء البيان ٢/٤٨٣-٤٨٤. وانظر المصدر نفسه ٢/٢٠٣.
٨ سورة هود، الآية [١٤] .
٩ معارج الصعود، ص٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>