للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فإذا قيل: إنما تدلّ الآيات المذكورة في الكهف والأنبياء على مطلق اقتراب يوم القيامة؛ من دكّ السدّ واقترابه من يوم القيامة، لا ينافي كونه قد وقع بالفعل، كما قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} الآية١. وقال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ٢، وقال النّبي صلى الله عليه وسلم: "ويل للعرب من شرّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه –وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها " الحديث٣..... فقد دلّ القرآن والسنة الصحيحة على أنّ اقتراب ما ذكر لا يستلزم اقترانه به، بل يصح اقترابه مع مهلة، فلا ينافي دكّ السدّ الماضي المزعوم الاقتراب من يوم القيامة، فلا يكون في الآيات المذكورة دليل على أنه لم يدكّ السدّ إلى الآن"٤.

وقد أجاب -رحمه الله- على هذه الشبهة، فقال: "فالجواب ما قدمنا أنّ هذا البيان بهذه الآيات ليس وافياً بتمام الإيضاح إلا بضميمة السنة له، ولذلك ذكرنا أننا نتمم مثله من السنة لأنها مبينة للقرآن"٥.

ثمّ ساق -رحمه الله- حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه الطويل، المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفيه: "فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى أن قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدب ينسلون، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء. ويحصر نبيّ الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبيّ


١ سورة الأنبياء، الآية [١] .
٢ سورة القمر، الآية [١] .
٣ سبق تخريجه.
٤ أضواء البيان ٤/١٨٢-١٨٣.
٥ المصدر نفسه ٤/١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>