للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلّ الشيخ الأمين أيضاً بما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فأقعداه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؛ محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا في الجنة" الحديث١.

وعقب عليه الشيخ -رحمه الله- بقوله: "وقد رأيت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنّ الميت في قبره يسمع قرع نعال من دفنوه إذا رجعوا، وهو نصّ صحيح صريح في سماع الموتى، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم فيه تخصيصاً) ٢.

وذكر حديث أنس هذا من طريق مسلم٣.

ومن الأحاديث التي استدلّ بها -رحمه الله- على سماع المقبورين حديث عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد" ٤.

ثمّ ذكر الشيخ -رحمه الله- لهذا الحديث شواهد أخرى، وعقب عليها بقوله: "وخطابه صلى الله عليه وسلم لأهل القبور بقوله: "السلام عليكم"، وقوله: "إنا إن شاء الله بكم"، ونحو ذلك يدلّ دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه؛ لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم. ولاشك أنّ ذلك ليس من شأن


١ أخرجه البخاري في الصحيح ٢/١٠٢. بألفاظ متقاربة.
٢ أضواء البيان ٦/٤٢٢.
٣ انظر صحيح مسلم ٤/٢٢٠٠-٢٢٠١.
٤ انظر صحيح مسلم ٢/٦٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>