وقال ابنه عبد الله يحكي عن والده: "كان دائما يحثنا على شعر أحمد بن حنبل الشنقيطي؛ لأنه يحثّ على العلم. ويتمثل بشعره الذي يقول فيه:
لا تسؤ بالعلم ظناً يا فتى
إنّ سوء الظنّ بالعلم عطب
لا يزهدك أخي في العلم أن
غمر الجهال أرباب الأدب
إن تر العالم نضوا مرملا
صفر كفّ لم تساعده سبب
وترى الجاهل قد حاز الغنى
محرز المأمول عن كلّ أرب
قد تجوع الأسد في آجامها
والذئاب الغبش تعتام القتب
جرع النفس على تحصيله
مضض المرين ذلّ وسغب
لا يهاب الشوك قطاف الجنى
وإبار النحل مشتار الضرب
وكان -رحمه الله - قد ملكت عليه محبته للعلم وفهمه أحاسيسه، فإذا كان يقرأ قد تصل إليه الشمس ولا ينتبه، وقد يضيع عليه الوقت، وقد ينتهي وقت الأكل والشرب، ووقت المواعيد التي عنده، فلا بدّ من أن ينبهه أحد إذا كان مشتغلاً بالعلم؛ لأنه يملك عليه شعوره.
وكان -رحمه الله- وهو مريض يدرس المسائل التي لا يستطيع أن يدرسها الجاهل المتعطش للعلم، وكنت أقرأ له أحيانا حتى أخرج من عنده وأنا معي دوار من كثرة ما قرأت عليه.
وكان في طلبه الأول يدرس المسائل دراسة جردية؛ فيأخذ مثلاً باب القياس، ويجمع كلّ الكتب والمراجع التي تتعلق بالقياس ويعكف عليه
١ ترجمة الشيخ رحمه الله بقلم تلميذه الشيخ عطية سالم _ بتصرف _ (انظر أضواء البيان ١/٢٨ _٣١) .