للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرور على الصراط هو المذكور في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} ١.

وقد اختلف العلماء في المراد بالورود في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} إلى أقوال كثيرة، ذكر الشيخ الأمين –رحمه الله- أربعة منها، فقال:

"الأول: أن المراد بالورود: الدخول ولكنّ الله يصرف أذاها عن عباده المتقين عند ذلك الدخول.

الثاني: أن المراد بورود النار المذكور: الجواز على الصراط؛ لأنه جسر منصوب على متن جهنم.

الثالث: أن الورود المذكور: هو الإشراف عليها والقرب منها.

الرابع: أن حظّ المؤمنين من ذلك هو حرّ الحمى في دار الدنيا٢.

ثمّ استدلّ للقول الأول "أنّ ورود النار جاء في القرآن في آيات متعددة، والمراد في كلّ واحد منها: الدخول. فاستدلّ بذلك ابن عباس على أنّ الورود في الآية التي فيها النزاع هو الدخول؛ لدلالة الآيات الأخرى على ذلك؛ كقوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} ٣؛ قال: فهذا ورود دخول. وكقوله: {لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} ٤؛ فهو ورود دخول أيضا. وكقوله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} ٥، وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ


١ سورة مريم، الآية [٧١] .
٢ أضواء البيان ٤/٣٤٨. وانظر روح المعاني ١٦/١٢١-١٢٢.
وقد ذكر هذه الأقوال: القرطبي، وزادها قولاً خامساً: إنّ الورود النظر إليها في القبر: فينجي منها الفائز، ويصلاها من قدر عليه دخولها. (الجامع لأحكام القرآن ١١/٩٢) .
وذكر ابن رجب الأقوال الأربعة السابقة، إلا أنه ذكر بدل الإشراف عليها والقرب منها الورود خاصّ بالمحضرين حول جهنم. (انظر التخويف من النار ص ٢٠٠) .
٣ سورة هود، الآية [٩٨] .
٤ سورة الأنبياء، الآية [٩٩] .
٥ سورة مريم، الآية [٨٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>