للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا الحديث عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته. فقال: عن أي شيء كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله: هل رأيت ربك؟ قال أبو ذر: قد سألت فقال: "رأيت نورا" ١.

ثمّ ختم هذه المسألة بقوله: "والتحقيق الذي لاشك فيه هو أنّ معنى الحديث هو ما ذكر من كونه لايتمكن أحد من رؤيته لقوة النور الذي هو حجابه. ومن أصرح الأدلة على ذلك أيضا: حديث أبي موسى المتفق عليه: "حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"٢، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "نور أنى أراه "٣؛ أي كيف أراه وحجابه نور، ومن صفته أنه لو كشفه لأحرق ما انتهى إليه بصره من خلقه"٤.

وبهذا الجمع بين الروايات ينتفي التعارض، وتتم الموافقة بين الأدلة، ويتضح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير ربه جل وعلا بعيني رأسه، بل كانت الرؤية قلبية.

وقد قال بهذا الجمع عدد غفير من أئمة السلف رحمهم الله؛ منهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الذي قال: "وأما الرؤية فالذي ثبت في الصحيح عن ابن عباس أنه قال: "رأى محمد ربه بفؤاده مرتين"٥.

وعائشة أنكرت الرؤية؛ فمن الناس من جمع بينهما، فقال: عائشة أنكرت رؤية العين، وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد. والألفاظ الثابتة عن ابن


١ أخرجه مسلم في الصحيح ١/١٦١.
٢ صحيح مسلم ١/١٦١.
٣ أخرجه مسلم في الصحيح ١/١٦١-١٦٢.
٤ أخرجه مسلم في الصحيح ١/١٦١-١٦٢.
٥ أضواء البيان ٣/٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>