للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} ١؛ ورؤيتها إياهم من مكان بعيد تدلّ على حدة بصرها كما لا يخفى.

كما أنّ النار تتكلم كما صرح الله به في قوله: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} ٢، والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة؛ كحديث محاجة النار مع الجنة٣، وكحديث اشتكائها إلى ربها فأذن لها في نفسين٤، ونحو ذلك. ويكفي في ذلك أنّ الله جلّ وعلا صرح في هذه الآية أنها تراهم، وأنّ لها تغيظا على الكفار، وأنها تقول هل من مزيد"٥.

وقال -رحمه الله- في موضع آخر عند تفسير قوله تعالى: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظ} ٦: إثبات أنّ للنار حسا وإدراكا وإرادة، والقرآن أثبت للنار أنها تغتاظ، وتبصر، وتتكلم، وتطلب المزيد؛ كما قال هنا: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} ٧.

وقال: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} ٨، وقال: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} ٩، ١٠.

وقد ردّ الشيخ الأمين –رحمه الله- على من تأول تلك النصوص وصرفها عن حقيقتها؛ فقال -رحمه الله-: (واعلم أنّ ما يزعمه كثير من المفسرين وغيرهم من المنتسبين للعلم من أن النار لا تبصر، ولا تتكلم، ولا تغتاظ،


١ سورة الفرقان، الآية [١٢] .
٢ سورة ق، الآية [٣٠] .
٣ لعله يعني حديث: " احتجت النار والجنة، فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون.."، أخرجه مسلم في صحيحه ٤/٢١٨٦.
٤ انظر صحيح البخاري ٤/٨٩.
٥ أضواء البيان ٦/٢٨٨-٢٨٩.
٦ سورة الملك، الآيتان [٧-٨] .
٧ سورة الملك، الآية [٨] .
٨ سورة الفرقان، الآية [١٢] .
٩ سورة ق، الآية [٣٠] .
١٠ تتمة الشيخ عطية سالم لأضواء البيان ٨/٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>