للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحلية بالأساور ولبس الحرير؛ قال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ١؛ فأتى في قوله "يدخلونها" بواو الجمع الشاملة للظالم لنفسه، وقدمه لئلا يقنط، وأخر السابق بالخيرات لئلا يعجب بعمله فيحبط، وخاطب المسرفين منا خطابا تجعل لذته الأصمّ سميعا، قال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} ٢.

فاعجب لأمة يخاطب الله مسرفيها هذا الخطاب في الآيات البينات المحكمات من الكتاب"٣.

فالشيخ الأمين –رحمه الله- قال بأنّ المؤمنين على ثلاث مراتب، كلّ مرتبة تخالف سابقتها في الفضل؛ فهم متفاوتون حسب اجتهادهم في الأعمال، وطريقة أدائهم لها. وليسوا كما قالت المرجئة على درجة واحدة من الإيمان.

وقد قال بهذا التقسيم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، ومما قاله: "فقد قسم الله سبحانه الأمة التي أورثها الكتاب واصطفاها ثلاثة أصناف: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات.

وهؤلاء الثلاثة ينطبقون على الطبقات الثلاث المذكورة في حديث جبريل "الإسلام"، و"الإيمان"، و"الإحسان" ... ومعلوم أن الظالم لنفسه إن أريد به من اجتنب الكبائر، والتائب من جميع الذنوب؛ فذلك مقتصد أو سابق، فإنه ليس أحد من بني آدم يخلو عن ذنب، لكن من تاب كان مقتصداً، أو سابقا. كذلك من اجتنب الكبائر كفرت عنه السيئات؛ كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُم} ٤.فلابدّ أن


١ سورة فاطر، الآية [٣٣] .
٢ سورة الزمر، الآية [٥٣] .
٣ رحلة الحج ص٣٩-٤٠.
٤ سورة النساء، الآية [٣١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>