للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بعضها أنّ منها الغلول١؛ ويدلّ له قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ٢؛ وقدمنا معنى الغلول في سورة الأنفال، وذكرنا حكم الغالّ. وفي بعضها: أنّ من أهل الكبائر الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا؛ ويدلّ له قوله تعالى: {أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ٣. ولم نذكر أسانيد هذه الروايات ونصوص متونها خوف الإطالة. وأسانيد بعضها لاتخلو من نظر، لكنها لا يكاد يخلو شيء منها عن بعض الشواهد الصحيحة من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم "٤.

ثمّ ذكر الشيخ الأمين –رحمه الله- أنّ الكبيرة لا تحبط العمل الصالح؛ فقال عند قوله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ} ٥: "في هذه الآية الكريمة دليل على أنّ كبائر الذنوب لاتحبط العمل الصالح؛ لأنّ هجرة مسطح بن أثاثة من عمله الصالح، وقذفه لعائشة من الكبائر، ولم يبطل هجرته؛ لأنّ الله قال فيه بعد قذفه: {وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ؛ فدلّ ذلك على أنّ هجرته في سبيل الله لم يحبطها قذفه لعائشة رضي الله عنها"٦.

ثمّ نقل -رحمه الله- قول القرطبي مستشهدا به على صحة ما قاله: قال القرطبي: (في هذه الآية دليل على أنّ القذف وإن كان كبيرا لايحبط الأعمال، لأنّ الله تعالى وصف مسطحا –بعد قوله- بالهجرة والإيمان. وكذلك سائر الكبائر. ولايحبط الأعمال غير الشرك؛ قال تعالى: {لَئِنْ


١ انظر صحيح مسلم ٣/١٤٦١.
٢ سورة آل عمران، الآية [١٦١] .
٣ سورة آل عمران، الآية [٧٧] .
٤ أضواء البيان ٧/١٩٧-١٩٩.
وقد ذكرها بأسانيده الحافظ ابن كثير في تفسيره ٢/٤٨٣-٤٨٤.
٥ سورة النور، الآية [٢٢] .
٦ أضواء البيان ٦/١٦٢-١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>