للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا التقسيم قد احتوى على المراد، ولايتعارض مع تقسيم من جعله ثلاثة أقسام، أو أربعة١: فهي بمعنى واحد، ولأن الكل قرروا أن توحيد الألوهية هو معنى "لا إله إلا الله"، وقالوا بأن تحقيقه يمنع من دخول النار.

وبذلك نستنتج أنّ الشيخ -رحمه الله- لم يرتض تقسيم المتكلمين٢: لأنهم يخالفون دلالة القرآن على التوحيد، وغاية مايصلون إليه: توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون.

وقد ردّ عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية٣-رحمه الله-، وبين عدم جدوى هذا التقسيم الذي لايفرق بين مؤمن ومشرك.

ومن المناسب هنا أن أذكر ماأخبرنيه الدكتور عبد الله بن الشيخ الأمين -رحمه الله- أنّ والده كان يقول له: "ياولدي اعلم أن التوحيد ينقسم ثلاثة أقسام، وأن هذه القسمة استقرائية والاستقراء: هو تتبع النصوص؛ كما أن النحو علم بالاستقراء بتتبع لغة العرب؛ إما اسم أو فعل أو حرف، فكذلك علمنا أقسام التوحيد من تتبع القرآن؛ فالله تعالى قسم التوحيد ثلاثة أقسام في سورة الفاتحة؛ فقال "الحمدلله" والله هو المعبود بحق، {رَبِّ الْعَالَمِينَ} والرب هو الذي يربي الأشياء، وهذا توحيد الربوبية. ثم قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وهذا توحيد الأسماء والصفات. وقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} دل على توحيد الألوهية. وتوحيد الألوهية أن تكون جميع أعمالك خالصة لله؛ من صلاة وصيام وزكاة ونذر وخوف ورجاء وغير ذلك مما لا يجوز صرفه إلا لله. وتوحيد الربوبية: مايكون في


١ انظر مقدمة تحقيق كتاب التوحيد لابن منده ١/٣٣.
٢ انظر الملل والنحل للشهرستاني١/٤٢.فقد جعل التوحيد عندهم ثلاثة أقسام: واحد في ذاته لاقسيم له، وواحد في صفاته الأزلية لانظير له، وواحد في أفعاله لاشريك له.
٣ كما في التدمرية ص١٧٩-١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>