للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الذي أرسلت لتحقيقه، وحاصله هو معنى "لا إله إلا الله"؛ فهو مبني على أصلين هما النفي والإثبات في "لا إله إلا الله". فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادة كائنة ماكانت. ومعنى الإثبات منها: هو إفراده جلّ وعلا وحده بجميع أنواع العبادة على الوجه الذي شرع أن يعبد به. وجلّ القرآن في هذا النوع: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ١، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلآ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلآ أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٢. {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} ٣. {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} ٤، {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ٥. والآيات في هذا كثيرة جداً٦.

ونراه -رحمه الله- أثناء مروره بـ"أم درمان" متجهاً إلى الديار المقدسة يُسأل عن قصة الغرانيق٧، فيوضحها، ويتكلم عن إخلاص العبادة لله تعالى فيقول: "فإخلاص العبادة لله وحده هو دعوة عامة الرسل، وأشدهم فيه احتياطاً خاتمهم صلى الله عليه وسلم , ولذا منع بعض الأمور التي كانت مباحة عندهم احتياطا في توحيد الله في عبادته جلّ وعلا، فالسجود


١ سورة النحل، الآية [٣٦] .
٢ سورة الأنبياء، الآية [٢٥] .
٣ سورة البقرة، الاية [٢٥٦] .
٤ سورة الزخرف، الآية [٤٥] .
٥ سورة الأنبياء، الآية [١٠٨] .
٦ المعين والزاد ص٦٥.
٧ تتلخص قصة الغرانيق فيما يأتي: ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم بمكة، فلما بلغ:"أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى"ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى. فلما بلغ السجدة سجد، فسجد معه المسلمون والمشركون.
وقد رجح الشيخ الشنقيطي -رحمه الله- عدم صحتها، وعضّد قوله بأقوال عدد كبير من العلماء الذين أنكروها.
(انظر: رحلة الحج ص١٢٨-١٣٠. وكذا: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب –الملحق بأضواء البيان ١٠/٢٠٧-٢١٢-) .

<<  <  ج: ص:  >  >>